مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

ومن كلامه ~ [في ذكر أمهات فروض الله]

صفحة 241 - الجزء 1

ومن كلامه ~ [في ذكر أمهات فروض الله]

  قال القاسم بن إبراهيم ~:

  سألتم يا ولدي - وفقكم الله للرشاد - عن أمهات فروض الله على من كُلِّفَهن من العباد، وأحببتم أن تعلموا من جُمَلهن أصولاً كافيةً من تفسير⁣(⁣١) كلهن، بقول جزم مختصر، قريب المأخذ والمذكر، ليس فيه حيرة ولا تحاول، ولا تكثر منه الأقوال.

  فأول - يا بني - فرض الله على خلقه ومقدمات أمهات فرضه: الإيقان لله بوحدانيته، والإقرار له بربوبيته؛ لأن من أقر لله بالربوبية عرف أنه لله عبدٌ، ومن أيقن له بوحدانيته علم أنه ليس له والد ولا ولد، وبرئ عنده من مكافأة الأنداد، و ø ثناؤه عن مناوأة الأضداد، لا يكون من معه ندٌّ أو ضدٌّ ومن له في الأوهام والد أو ولد أحداً أبداً، ولا صمداً فرداً.

  وكيف يكون عند من توهم ذلك فيه سبحانه واحداً وقد توهم معه أباً وابناً، أو نداً أو ضداً؟ ومن شبه الله بشيء من خلقه فقد خرج من المعرفة بالله وحقه، وجعل لله نداً مماثلاً، وكفياً ونظيراً معادلاً في كل ما يشبهه به فيه من أوصاف الخلق في معنى واحد أو في كل معنى؛ لأن في تشبيهه له سبحانه بمعنى واحد من الخلق إبطالُ الوحدانية ومفارقةُ الأزلية، ومن جوَّرَ الله في حكمه فقد أشرك به؛ إذ شبهه بالجائرين، وخرج بتجويره له في حكمه من توحيد الله رب العالمين، وكان بفريته على الله في ذلك عند الله من المشركين، حكمه حكمهم، واسمه اسمهم؛ لأنه أشرك بين الله وبين الجائرين في الجور، ومثَّله سبحانه بهم فيما مثَّل فيه بينه وبينهم من الأمور.

  وكذلك كل تمثيل أو تشبيه قيل به فيما بين الله وبين خلقه فهو شرك بالله


(١) في (ب): في تفسير.