مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفة العرش والكرسي وتفسيرهما

صفحة 246 - الجزء 1

صفة العرش والكرسي وتفسيرهما

  سماع علي بن محمد بن عبد الله عن الحسن بن القاسم ¥.

  

  قال علي بن محمد: حدثني الحسن بن القاسم، عن الحسين بن القاسم رضوان الله عليهم قال: سألت أبي | وأرضاه عن تأويل ما ذكر الله سبحانه من كرسيه وعرشه، فقال: سألتَ يا بني فَهَّمك الله فاعلم وافهم، وليكن أول ما تعلم فيما سألت عنه وتتفهم أن تخرج في ذلك كله من علمك وفهمك كل خاطرةٍ خَطرَت بقلبك أو وقعت في وهمك لله فيها بمعنى من معاني خلقه كلها تشبيه أو تمثيل، أو لشيء مما خلق الله وصنع كله بالله تسوية أو تعديل، كبير ذلك كصغيره، وقليله كله ككثيره.

  فهذا يا بني هو الأصلُ في توحيد الله المقدمُ الأولُ، والقولُ الصادقُ على الله وفي الله الصحيحُ المتقبَّلُ، الذي لا يقول بغيره في الله ولا على الله إلا كل مفترٍ أفَّاك، يلزمه في قوله بذلك على الله اسم الجهل بالله والإشراك، وفي توَهِّم كل مُتوَهَّم لذلك على الله الخروجُ مما نزل الله في توحيده من كل تنزيل، نزله لله سبحانه في القرآن أو في التوراة أو في الزبور أو في الإنجيل.

  وتأويل ما سألت يا بني عنه ومعناه فأبينُ بيان بحمد الله لمن فهَّمه الله إياه، وإنما تلَّبس ذلك وأظلم على من لبَّس فيه على نفسه، فأسلمه الله تبارك وتعالى فيه صاغراً إلى حيرته ولُبسه، وسبيل فهمه وعلمه منير مضي، لا يجهله بمَنِّ الله من خلق الله زَكِيٌّ ولا رضي.

  فمن ذلك وفيه ومن الدلائل عليه قولُ الله عن أن يحويه قولٌ أو يناله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، وقوله سبحانه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام]، وقوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}⁣[البقرة: ٢٥٥]،