مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

صفة العرش والكرسي وتفسيرهما

صفحة 267 - الجزء 1

  يريد بقوله الحرب، وقد عُلِمَ أن كل حرب ليست تلقح بسقبين ولا سقب، ولا بذات دَرٍّ ولا حلب. والسقب فهو ولدها إذا كان صغيراً، والحلب فهو لبنها قليلاً كان أو كثيراً، وقد علم أن هذا كله لا يتوهم فيها ولا عليها، وقد جاز أن ينسب كما ترى في الأمثال إليها، وكذلك قال النميري:

  وحرب قد حلبناها صراها ... وحرب قد حلبناها علالاً

  إذا لبست عوانُ الحرب جُلَّا ... كشفنا عن مشاعرها الجلالا

  والمشاعر: هي القوائم. والصرا: هو جمع اللبن في الضرع حينين، والعلال: فهو حلب اللبن في كل حين. وقد قال زهير في الحرب:

  فتَعْركُكم عركَ الرحا بثفالها ... وتلقح كشافاً ثم تحمل فتتئم

  فتنتج لكم غلمان أشأمَ كلُّهم ... كأحمرِ عاد ثم تُرضِعْ فَتَفْطِم

  وقد علم أن الحرب لا تلقح ولا تتئم، ولا تنتج غلماناً ولا ترضع ولا تفطم، وقد جاز ما قال كله في الأمثال، وكان القول به عند العرب من أصح المقال.

  وفي مثل ذلك من المثل ما يقول:

  وهم حملوا المئين فلم تؤدهم حمالتها

  ولا يُعرف الحمل لمحمول إلا كما يحمل الحاملون.

  وقال زهير أيضاً:

  وما إن بيتهم إن عد بيت ... فطال السمك واتسع البناء

  فأما أسه فعلا قديماً ... على الأحساب إذ رفع النماء⁣(⁣١)


(١) روى البيتين في شرح ديوان الحماسة هكذا:

فأما بيتكم إن عد بيت ... فطال السمك واتسع الفناء

وأما أسه فعلى قديم ... من العادي إن ذكر البناء

ونسبهما إلى أبي البرج القاسم بن حنبل المري.