[معنى: ثم استوى على العرش]
  رشدهم فيه وهداهم.
  والحمد لله رب العالمين على ما بيَّن من عماية العمين، وتولى من هداية المهتدين.
  وفي مثل ذلك من الأمثال وما يراد به غيره من المقال ما يقول الأول:
  وإنا لتستحلي المنايا نفوسنا ... ونترك أخرى مُرَّة ما نذوقها(١)
  وقد يعلم(٢) أن المنايا لا تستحلى ولا تُستمر، وأن النفوس لا تحلو في ذوق ولا تَمِرّ. وقوله:
  وشَيَّب رأسي قبل حين مشيبه ... رعود المنايا فوقه وبروقها
  وقد يعلم(٣) أن المنايا لا ترعد ولا تبرق، ولا يتوهم ذلك فيها إلا أخرق أحمق، وأن الرعود والبروق إنما تكون بالسحاب، إلا أن مقاله في ذلك مَثَلٌ يجوز في التبيين والإعراب. وكذلك قوله:
  لنا نبعة كانت تقينا فروعها ... فقد ذهبت إلا قليلاً عروقها
  والنبعة شجرة صلبة يمانية يعمل من قضبانها هذه القسي العربية، وقد علم كل صحيح العقل ذي سمع أنه لم يُرد بقوله هذا نبعة من شجر النبع.
(١) هذا البيت والذي بعده لحارثة بن بدر كما في تاريخ دمشق لابن عساكر والعقد الفريد وربيع الأبرار والأدب لابن أبي شيبة. ورواية البيت الثاني في الأدب والمصنف لابن أبي شيبة:
وشيب رأسي واستخف حلومنا ... وعود المنايا حولنا وبروقها ... وفي ربيع الأبرار:
وشيب رأسي واستخف تجلدي ... رعود المنايا بيننا وبروقها
(٢) في (أ): وقد علم.
(٣) في (أ): وقد علم.