مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[مناقشة من قال: طريق الإمامة اختيارهم للإمام]

صفحة 291 - الجزء 1

  شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٨]، وكقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٥]، فقالوا: نختار لإمامتنا وديننا أوثقنا لذلك في أنفسنا، فقلنا: لستم تختارون ذلك لأنفسكم دون اختياركم فيه على ربكم، فلله الخيرة لا لكم، يقول الله جل ثناؤه: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}⁣[القصص: ٦٨]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ٣٦}⁣[الأحزاب]، يقول جل ثناؤه: إن يختاروا هم فتكون الخيرة لهم، والله سبحانه ما جعل إليهم الخيرة فيما خوَّلهم، ولا فيما جعل من أموالهم لهم، فكيف تكون إليهم الخيرة في أعظم الدين عِظماً، وأكبره عند علماء المؤمنين حكماً؟!

  ثم قلنا لهم: مَنِ المختارون منكم للإمام؟ الخواصُّ منكم أم العوام؟

  فإن قالوا: لخواصِّنا.

  قلنا: مَنْ خواصكم.

  وإن قالوا: لعوامنا.

  قلنا: ومَن عوامكم؟ أخواصُّكم إنسان أم إنسانان أم بلد خاص مِن البلدان؟ وعوامكم أكلُّكُم أم الأكثر منكم؟!

  فإن قلتم: ذلك إلى كلنا وكلُّنا يختار فذلك ما لا يمكن؛ لما فرقت منكم الأقطار، مثل الصين وفرغانه، ومن بالأندلس وغانة، ومن يحدث فيكم وينقص كل يوم منكم، فالإمامة لا يمكن عقدها، ولا يصاب بالعقل رشدها، إذا كانت إنما تكون ويتم لها بزعمكم الكون باختيار جميعكم واجتماع كلكم، وذلك غير ممكن أصلاً، فالإمامة غير ممكنة اضطراراً.

  وقد زعمتم أن الله كلفها خلقه، وأوجب على الناس فيها حقه، فقد كلف الله