مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[مناقشة من قال: طريق الإمامة اختيارهم للإمام]

صفحة 292 - الجزء 1

  الخلق عندكم غيرَ ممكن، ومكلِّفُ ما لا يمكن جاهلٌ غير محسن، ومن الله سبحانه كل حسنى، وله المثل الأجلُّ الأعلى، سبحانه أن يكلف أحداً من خلقه غيرَ ممكن، وتبارك أن يكون في صغير من الأمور أو كبير غير محسن!

  وإن قلتم: اختيار الإمام للخاصة منا دون العوام. قلنا: ومَن تلك الخاصة منكم؟ وما الذي يبينها للاختيار دونكم؟ فإن قالوا: علمها وفضلها. قلنا: ومن الذي يعرف ذلك لها؟ وما حد ذلك فيها؟ وما شاهد دليله عليها؟ فإن قالوا: يعرف ذلك منها عوامها. قيل: ولِمَ لا تعرف العوام مَن يؤمنها وفضله أكثر من فضل فضلائها، وعلمه فوق علم علمائها؟ وإذا عرفت العوام من ذلك الأقل فهي بمعرفة الأكثر أولى، وإذا بان لها فضلُ العلماء وعلمُها فبيان فضل الإمام وعلمه أبين وأعلى!

  وإن قالوا: تعرف ذلك العلماء لأنفسها. قيل: وكيف يصح ذلك عند غيرها بصحته لها؟ أو يتبين عندهم ببيانه عندها؟ وإذا كانوا هم الحجة على الأمة فيما يجب عليها من طاعة الأئمة فهل يجوز أن تكون بهم الأمة جاهلة إلا كانت وهي عن هدى ما كلفته ضالة؟

  فإن زعموا أن الأمة عارفة بهم سئلوا: ما معرفة الأمة لهم؟

  فإن قالوا: علمهم وفضلهم فقد فرغنا من هذا فيما قدمناه لهم، وإن قالوا ذلك بمعرفة أعيانهم فأيُّ عجب في ذلك أعجب من شأنهم، أن زعموا أن مَن دون الإمام من رعيته مدلول عليه في حكم الدين بتسميته، وأن الإمام غير معروف بتسمية عين، ولا محكوم على أحد بمعرفته في دين!

  ويقال لهم: مَنِ المحكوم بمعرفة اسمه وتنفيذ ما حكم به من حكمه الأئمة أم العلماء؟

  فإن قالوا: العلماء فكلهم عندهم بالإمامة أولى؛ إذ كان مقامهم في الفضيلة أعلى.