[من لا يصلح للقيام مقام الرسول ÷ ومن يصلح لذلك]
  ذلك لم يجز إلا جمعهم من الآفاق كلها جميعاً، مع أنه لا يكون ذلك إلا برضاهم جميعاً، ولو جاز اجتماعهم اختلفت هممهم أن يكون الأمر فيهم، وفي اختلاف هممهم ومشاورتهم منازعةٌ؛ لأن كل قومٍ يقولون: لهم فضل الإمامة؛ لأن البنية على هذا. فإذا وقعت المنازعة وقعت الفتنة، وإذا وقعت الفتنة وقع الحرب، وإذا كان ذلك تفانوا. فإذا ما وقعوا فيه من الشر والفساد أعظم مما طلبوا من الصلاح في طلب الإمامة، ولم يكن الله تبارك وتعالى يفرض عليهم فريضةً يريد بها صلاح عباده، فتكون تلك الفريضة عليهم وبالاً وهلاكاً وفساداً، مع ما يدخل من النقص في التوحيد والرسالة، فمِن قِبَل ذلك قلنا: لا يجوز إلا أن تكون في مكانٍ معروفٍ.
  فإن قال قائلٌ: إنما جعل الله الإمامة في قريش، وهي معروفةٌ، فما دليلكم في الموضع الذي تدَّعون؟
  قيل لهم: لأنكم إذا ادعيتم أنها في قريش دون غيرها كانت الحجة لنا عليكم، ولقرابة رسول الله ÷ لا غيرها، فإن كان ما قلتم حقاً فنحن أولى بما ادعينا من القرابة؛ لأنهم أقربُ برسول الله من موضعكم الذي ادعيتم وأبينُ فضلاً.
[من لا يصلح للقيام مقام الرسول ÷ ومن يصلح لذلك]
  واعلم أنه لا يجوز أن يقوم مقام الرسول ÷ مَن إذا قضى بقضية أو أحدث حدثاً مما لم يأتِ عن الله ولم يحكم به رسول الله ÷، وراجعه فيه من هو أعلم منه بالله - رجع عن حكمه واعتذر وكان قوله: (علَيَّ شيطانٌ يعتريني، فإذا رأيتم مني ذلك فاجتنبوني لا أبدر(١) في أشعاركم وأبشاركم)، فهذا لا يصلح للإمامة، ولا يجلس في مجلس رسول الله ÷، ولا من كان إذا حكم بحكم فقيل له: أصبت يا أمير المؤمنين يعلوه بالدرة، ويقول: (لا تزكونا في
(١) في شرح نهج البلاغة ولوامع الأنوار: لا أؤثر.