مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القتل والقتال

صفحة 325 - الجزء 1

  صار إليه بالكفر صائر، ثم أقام على كفره فيه كافر، وجب قتلُه وقتاله، وحل سباؤه وماله، ولم تحل مناكحته، ولم تؤكل ذبيحته، وحرمت ولايته على المؤمنين، وكان حكمه حكم المشركين؛ لأنه معتقدٌ بتشبيهه من الشرك بالله لما اعتقدوا، ومعتمد بتمثيله إياه ø بغيره في أي الأقوال التي حددنا لما اعتمدوا؛ لأن الشرك نفسه إنما هو تثبيت إلهين أو أكثر، والقول بأن مع الله إلهاً آخر.

  وأي الأقوال التي وصفنا قاله قائل، أو جهِلَه وإن لم يقل به جاهل، فهو فيه مثبت مع الله لغيره، قال بإنكاره فيه أو تجويره، ألا ترى أنه إن أنكره فقد مثَّله بمنكَر الأمور، أو جوَّره فقد أشرك بينه وبين أهل الجور، أو جهله ø فقد مثَّله بمجهول، أو تحيَّر فيه فقد شبَّهه بمتحيَّر فيه غير معقول، أو زعم أن له صاحبة أو ولداً فقد أثبت بالاضطرار أنه لم يكن واحداً ولا فرداً، وإذا لم يثبت له وحدانية الأولية فقد ثبت معه اضطراراً غيره في الأزلية، وذلك فهو معنى الشرك غير شك، ولذلك سمى الله هذه الفِرَق كلها باسم الشرك، وحكم عليها بحكمه؛ ليعلم أولو الألباب والنُّهى أن باشتباههم كان حكم الله فيهم مشتبهاً.

  فاسمع لما قال فيما أوجب من قتلهم وقتالهم، وحكم به سبحانه من سبائهم وتغنُّم أموالهم، وأوجب على المؤمنين فيهم من البراءة، ونهاهم عنه لهم من الموالاة، وحرَّم عليهم من مناكحتهم⁣(⁣١)، ونهاهم عنه من أكل ذبائحهم، فإني سأجمع ذلك لك إن شاء الله كله، وأُبيِّن لك⁣(⁣٢) ما ذكر الله في ذلك أجمع وأفصِّله، بآيات مسمِعات، وأحكام متتابعات، كراهية للتكثير عليك في القول، واكتفاء لك بتفصيلهن من الإكثار في علم كل مجهول⁣(⁣٣). قال ø: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ


(١) في المطبوع: مناكحهم.

(٢) في المطبوع: لكم.

(٣) في المطبوع: في كل علم مجهول.