القتل والقتال
  الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ١٩١}؟ فجعل قتالهم وإن كانوا على شركهم عند المسجد الحرام مُحرَّماً، ثم أحله لهم إن قاتلوهم عنده وحكم عليهم بقتالهم حُكماً حتماً.
  وقال سبحانه فيما أذن به من قتل المعتدين باعتدائهم، وبسط به أيدي المؤمنين للعدوان من سفك دمائهم: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ١٩٤ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٩٥}[البقرة]. فأمرهم سبحانه للعدوان لا لغيره بقتالهم، ونهاهم عن أن يُلقوا بأيديهم إلى التهلكة باستسلامهم لهم، وأمرهم بالإنفاق في جهادهم - سبحانه - والإحسان، وأخبرهم أنهم إن لم يفعلوا فقد ألقوا بأيديهم إلى التهلكة لأهل العدوان، وصدق الله العزيز الحكيم الأعلى، الذي لا يرضى لأوليائه أن يكونوا أذلاء، والذي لم يزل سبحانه يحوط العزَّ لهم حوطَ العليم الخبير، وينصرهم عند القيام بأمره نصر العزيز القدير، وأيُّ تهلكةٍ أهلكُ لهم من استسلامهم لمن يريد قتلهم؟!
  وفي ذلك أيضاً ما أمر الله به سبحانه من قتال البغاة، مجتمع عليه غير مختلف به في كل قراءة، مدنية كانت أو عراقية، وغربية كانت القراءة أو شرقية، إذ يقول سبحانه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}[الحجرات].
  ثم قال سبحانه مدحاً للمنتصرين من الباغين، وترغيباً في الانتصار في البغي للمؤمنين: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩}[الشورى]، فمن أظلم وأبغى ممن تجبر وطغى، فخص المؤمنين بغيه وطغاه، وعمَّت الأرضَ فتنتُه وَبلاه، لا مَنْ إن عقل من يسمع نداء كتاب الله بتعريفه، وقام لله بما له عليه في