مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

القتل والقتال

صفحة 338 - الجزء 1

  

  الحمد لله، ولا قوة إلا بالله، الذي جل عن كل ذكر ذكره، وعز في كل أمرٍ أمره، فلم يذل له سبحانه أمر بتناقض ولا اختلاف، ولم يصغر له ذكر عن جليل ولا كبير من كرائم الأوصاف، بل كَلَّ عنه جل ثناؤه كريم الصفات، وأمورُ مَن خالفه فلم يحكم بحكمه فهن المختلفات، اللاتي لا يعتدل⁣(⁣١) بهن عن حيف ميل، ولا يُهتدى منهن إلى حق بدليل، بل الهدى منهن ممنوع، وكل ضلالٍ فهو فيهن مجموع، لا يأوي إليهن هدى، ولا ينتفين⁣(⁣٢) من ردى، بل كلهن ظلمة، وصمم وعمى وبكمة، كما قال سبحانه في أهلهن ومن كان مؤثراً من العماة لهن: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ١٨}⁣[البقرة].

  فسبحان من خذل أعداءه فأصمهم وأعماهم، ونصر وتولى أولياءه فأعزهم وهداهم، فلم يُذل له ولياً، ولم يجعله عمياً، ولم يُرِه في عاجل ولا آجل من ذلٍّ سُوّاً، ولم يوال له قطّ عدواً، بل حكم - جل ثناؤه، وعزَّت بعزته أولياؤه - لأوليائه بالمحبة والموالاة والمقاربة والإدناء، وخصهم في كل حكمه⁣(⁣٣) لهم في هذه العاجلة بكل حسنى، من البر والصلة والمجاورة والرضا، وكَّدَ بذلك كله لهم على عباده فرضاً لا يسع محجوجاً منهم إضاعته، ولا يتم منهم لله إلا بأدائه طاعته.

  فسبب أولياء الله من الله بكل كرامة موصول، وعملهم بولايتهم لله في كل خير عند الله مقبول، لا يحبط مع زكي عملهم بِرٌّ ولا عمل، ولا يلم بهم بعد ولاية الله لهم صغرٌ ولا ذل، بل لهم مع ما حكم الله به لهم على العباد من البر والمحبة ما ذكر الله سبحانه من الفلاح والفوز والنصر والغلبة، فاسمعوا هُدِيتهم


(١) في (ج): يعدل.

(٢) في (ج): يقين.

(٣) في نسخة: حكمة.