[الدليل على أن حكم الأصول حكم الفروع]
  فلو كان علة كونه ما ذكروا لكان الإنسان لا يتوفى أحدهم في طفوليته، ولا يفسد كونه مع وجود علة كونه، اللهم إلا أن يقروا بحدوث علة الفساد، فيكونوا حينئذ تاركين لمذهبهم، فإن قالوا: بل علة كونه وفساده قديم فالشيء إذا كان فاسدا في حال كان فيها صالحا؛ إذ عللهما موجودة، ومحال أن تكون عللهما موجودة ويتوفى هذا في الطفولية ويرد هذا إلى أرذل العمر، وينكس هذا في الخلق إذ يعمر؛ إن هذا لعمري لعكس العقول.
  قال الملحد: لو لزمهم هذا(١) للزمك حين زعمت أن الله علةُ كونِ الأشياء وفسادِها مثلُ ما ألزمت خصومك.
  قال القاسم #: ولا سواء؛ وذلك أنا لا نزعم أن الله علة كون الأشياء وفسادها، بل نزعم: أن الله تعالى هو الذي كون الشيء وأفسده من غير اضطرار(٢). والدليل على أن الله ø ليس بعلة ذلك أن أفعاله مختلفة الأحوال، منتقلة الصفات، فلو كان هو العلةَ لما زال شيء عن صفته؛ لأنه عز ذكره قديم، والقديم لو كان علةَ شيء لم يزل معلوله، كما لم يَزَل هو في نفسه(٣)، وزوال الأشياء عن صفاتها يدل على أن الله ø ليس بعلة ولا معلول.
  فقال الملحد حينئذ: بارك الله فيك وفيمن ولدك، فقد أوضحت ما كان ملتبسا علي، وإني سائلك عن غيرها، فإن أجبتني عنها كما أجبت أسلمت.
  قال القاسم #: إن أسلمت فخير لك، وإن أصررت فلن يضر الله إصرارك، سل عما بدا لك.
(١) في (ب): ذلك.
(٢) في (ب): من غير ما اضطرار.
(٣) في (ب): في ذاته.