مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[الحكمة في إماتة الإنسان وإفناء العالم]

صفحة 398 - الجزء 1

  قال الملحد: هو أن يمطر عليها أو يجري فيها فتتصل أجزاء الأرض بأجزاء الماء بالمشاكلة التي بينهما، فعندها تهتز وتتحرك.

  قال القاسم #: وكذلك الروح يرسل إلى ذلك التراب فيماسه ويمازجه، فحينئذ يحيا الإنسان ويتحرك؛ أولا ترى إلى بدء خلق الإنسان كيف كان؟ أوَليس تعلم أنه كان ترابا، فلما جمع الله بينه وبين روحه صار إنسانا، فأصل خلق الإنسان يدلك على⁣(⁣١) آخره، أوَلا تسمع قوله سبحانه: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ٨٠}⁣[يس]؟

  قال الملحد: إنه ليس بين الروح والتراب مشاكلة فيما نعرف.

  قال القاسم #: فهل تعلم⁣(⁣٢) بين النار والشجر الأخضر مشاكلة؟

  قال: نعم، وهي أنها مجموعة من الطبائع الأربع إحداهن النار.

  قال القاسم #: الله أكبر، هل بين النار وبين ثلاثتها⁣(⁣٣) مشاكلة؟

  قال: لا.

  قال القاسم # فكيف اجتمعن؟ إنه لما جاز أن تجتمع النار مع الماء والأرض والأهوية بلا مشاكلة بينهن جاز للروح مثل ذلك.

  فقال الملحد عند ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن كل ما جاء به حق، وتعست أمه ضلت عن مثلك. وأسلم وحَسُنَ إسلامه، وكان يختلف إلى الإمام أمير المؤمنين القاسم # ويتعلم منه شرائع الإسلام.

  تمت المناظرة وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين⁣(⁣٤)


(١) في (ب): إلى.

(٢) في (أ): فهل تعرف.

(٣) في (أ، ب): ثلاثتهن.

(٤) في (أ): تم ذلك بحمد الله ومنه، وصلى الله على نبيه محمد وآله وسلم تسليماً.