مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[أقوال ابن المقفع والرد عليها]

صفحة 462 - الجزء 1

  وفرقانه، إذ يقول له صلى الله عليه في ذلك من غير⁣(⁣١) ما سخطة منه عليه فيه ولا لوم: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ١١٦}⁣[المائدة]، فسبح الله إكباراً له عن أن يقول في ذلك على الله علام ما كان وما يكون من الغيوب بقول إفك مفترى مكذوب، لا يصح فيه أبدا قول في فطرة، ولا يقوم في سليم من عقل ولا فكرة.

  وقال صلى الله عليه: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١١٧}⁣[المائدة]، فأنبأهم صلى الله عليه أنه عبد له كما هم كلهم جميعا عبيده، وأخبر الله سبحانه من قوله في ذلك بما لا تنكره النصارى كلها وإن اختلفت في أديانها وفرقتها البلدان في كل مفترق من أوطانها؛ لما رأوا منه عياناً وأيقنه من غاب منهم إيقانا من عبادته # لله، واجتهاده في طاعة الله، وكان فيما عاينوا من مشابهته لهم في الخلقة دليل مبين على أنه عبد لله، يجري عليه من حكم الله في أنه عبد لله ما جرى عليهم بما بان من أثر تدبير الله وصنعه فيه وفيهم.

  وفيما قلنا من ذلك ومثله وفي أن الفرع من الشيء له ما لأصله ما يقول الله سبحانه لرسوله ÷: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ٨١}⁣[الزخرف]، يخبر عن أنه قد يجب للولد ما يجب للوالدين⁣(⁣٢) في كل ما يجب لهم بالطبيعة والذات، لا فيما يجب من ذلك بالأعراض المحدثات.


(١) في (أ): عن غير.

(٢) في (ب): للوالد.