مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[ذكر جميع أصول النصارى]

صفحة 478 - الجزء 1

  روح وجسد ثم هو يدعى إنسانا باسم واحد، قد ترونهما وإن سميا بالإنسان فليس يقال لهما: إنهما في الإنسانية اثنان، ولكن يقال: إنه إنسان واحد، وهو كما تعلمون روح وجسد. قالوا: وكذلك المسيح الذي هو اجتماع اللاهوت والناسوت يسمى مسيحاً، وهو ابن الله الذي لم يزل، أفما ترون هذا قولاً فيما ذكرنا وقسنا بينا صحيحاً؟

  وقالت النسطورية: إن الابن الذي لم يزل نزل بمحبته رأفة وكرماً، فتجسد من مريم عند نزوله جسداً كاملاً تاماً، بطبيعة وقنومية من إنسانية وآدمية، فكان المسيح طبيعتين وقنومين بعد تجسده بالحسد تامين. وقالوا: فنحن إذا رأيناه يأكل ويشرب، ويجيء في الأرض ويذهب، وينصب ويشتكي، ويضحك ويبكي - جعلنا ذلك كله وما رأينا منه ومثله من الناسوت، وإذا نحن رأيناه يحيي الموتى ويبرئ المرضى ويمشي على الماء جعلنا ذلك للاهوت.

  وقالت فرق النصارى كلها مع اختلافها وافتراق أقوالها في أوصافها: إن سبب نزول الابن الإلهي الذي نزل من السماء رحمةً للبشر ومحافظةً على الرسل والأنبياء - قالوا: من أجل خطيئة آدم، فإنه لما أن أخطأ وأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها فعصى تبرأ الله تبارك وتعالى منه، وأسلمه إلى الشيطان باتباعه له، قالوا: فكان في حيز الشيطان ودار ملكه، وكذلك زعموا كان معه فيها جميع ولده، يحكم فيهم الشيطان بما أحب من حكمه، قالوا: وكان فيما ملك الشيطان من آدم ونسله أنفس كثيرة من أنبياء الله ورسله، فمن تلك الأنفس نفس نوح ونفس إبراهيم وغيرهما من أنفس الرسل والنبيين، قالوا: فتلطف الابن واحتال لاستخراج تلك الأنفس من يد الشيطان، فلبس لذلك ومن أجله جسداً آدمياً؛ ليكون بما لبس منه عن الشيطان خفيا، فتنكر الابن بذلك له لكي لا يحترس الشيطان منه فلا ينفذ فيه مكره.

  قالوا: فلما غلبت على الناس الخطيئة، وحلت فيهم البلية، واستبان لآدم - زعموا -