مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[بداية الرد عليهم]

صفحة 490 - الجزء 1

  الخطايا لمن تاب وآمن، فقال فيما زعموا من إنجيلهم: «أنا أطهركم كما ترون بالماء، والذي يأتيكم على أثري هو أكرم على الله مني، وهو الذي يجعل الله به المذراة، فلا يودع خزائنه إلا الحبوب المطيبة المنقاة، وما بقي بعد ذلك من الغرابلة والتبن وما ليس بذي قيمة ولا ثمن يحرق بالنار التي لا تخمد، حيث يبقى التحريق ويخلد».

  فلما سمع عيسى بأخبار يحيى - صلى الله عليهما وعلى جميع النبيين - وما يصنع من تطهيره للمؤمنين أقبل إلى يحيى من جبل الخليل ليصبغه بالماء ويطهره، فكره يحيى # مجيئه لذلك - زعموا - وأمره، وقال له يحيى #: بي إليك فاقة، وتجيء إلي أنت تطلب الطهارة؟ فقال عيسى صلى الله عليه وعلى أخيه يحيى: دعنا الآن من هذا، فإنه هكذا ينبغي لنا أن نستتم خلال البر كلها، أو كل ما قدرنا عليه منها، فتركه يحيى حينئذ فاغتسل، وعمل في ذلك ما أراد أن يعمل.

  ثم سمع بقتل اليهود ليحيى فانطلق إلى أرض الجليل فسكن في كفر ناحوم يتفيأ من حد زبولون. وثم أوحى الله - زعموا فيه - إلى شعيب صلى الله عليه في مصير عيسى من زبولون إلى ما صار إليه، وكان في مصيره إليها ومقامه بها سياراً يسيح في أرض الجليل، يبشر ويعلم ما يجب لله على كل جيل وقبيل، ويبرئ كل مرض ووجع في بني إسرائيل، حتى سمع بفعاله وتبشيره ومقاله في كل ناحية وأرض، وأني بكل ذي وجع ومرضن من البرصى والمجانين والكمه والمقعدين، فأبرأهم بإذن الله من أمراضهم المختلفة الهائلة، وانطلقت على إثره جموع كثيرة من كل قبيلة من أرض الجليل، ومن المدائن العشر وأهل بيت المقدس، ومن غير الأردن.

  فلما رأى عيسى صلى الله عليه تلك الجموع وما اجتمع منها إليه صعد على جبل مرتفع فارتفع عليه ليسمع قوله كل من اجتمع، فلما صعد عليه أدنى منه