[بداية الرد عليهم]
  فاليوم لك أربعون يوماً لم تشرب شراباً ولم تطعم طعاماً، فادع الله إن كنت له حبيبا، أن يجعل لك هذه الحجارة فضة وذهبا، فقال له: ألم تعلم يا لعين أن كلام الله يكفي من اكتفى به من أحب كل طعام وشراب؟
  ومن كلام الله الذي ذكر صلى الله عليه ما نزل لا شريك له من كل كتاب. وزعموا في أناجيلهم أن الله أوحى إلى يوسف بعل مريم بعد ولادتها للمسيح بما الله به أعلم: «أن انطلق بالصبي وأمه إلى مصر، فأقم بها أنت ومريم وابنها حتى أبين لك موت هيردوس - وهو ملك من ملوك الروم كان ملكاً على بني إسرائيل - فإنه يريد قتل عيسى ودماره، فرحل يوسف بمريم وابنها ليلاً، وأتم الله - زعموا - بما كان من ذلك أمره(١) بعض ما أوحى إليه من كتب رسله؛ إذ يقول سبحانه: من مصر دعوت صفيي».
  وقالوا في إنجيلهم: «فلما مات هيردوس أوحى الله إلى يوسف أن قد مات فانطلق بعيسى وأمه إلى أرض إسرائيل» وزعموا أن هذا كله موجود عندهم فيما في أيديهم من الإنجيل، وأنه لما قدم بهما يوسف سمع أن كيلادوس ملك من اليهود بعد أبيه ما كان يملك أبوه، ففزع لعيسى وأشفق عليه، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: (أن امض إلى جبل الجليل فكن فيه، فخرج حتى نزل منه في مدينة يقال لها: ناصرة؛ تصديقاً لما أوحى الله به قديماً في بعض كتبه، وفيما ذكر من عيسى وأمره في أنه: «يكون ويدعى ناصرياً»، وبذلك - يروى - يدعى كل من تنصر نصرانياً.
  فلما كبر عيسى وظهر في أيام يحيى، وكان يحيى صلى الله عليهما ممن أجابه وصار إليه، فأمره بالتطهر والاغتسال في نهر الأردن، وكان ذلك تطهره من
(١) في نخ: بما كان من أمره. وفي نخ: بما كان من ذلك من أمره.