الرد على المجبرة
  لِمَا فِي الصُّدُورِ}[يونس: ٥٧]، ويقول: {كِتَابٌ عَزِيزٌ ٤١ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}[فصلت]، ويقول: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ٦}[الجاثية]، ويقول: {اتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}[الزمر: ٥٥].
  وقد بَيَّن الله للخلق، واحتج عليهم بما بَيَّن لهم في كتابه، وأمرهم بالتمسك بما في الكتاب، والاقتداء بما عن نبيه جاءهم، فإنما هلك من كان قبلهم بإعراضهم عن كتاب ربهم، والترك لمن مضى من أنبيائهم، من أهل الكتاب وغيرهم.
  فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم قبل نزول الموت، واعلموا أنه لا حجة لمن لم يحتج بقول الله، فإن الله سبحانه يقول: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}[العنكبوت: ٥١]، فاسمعوا قول المفترية على الله، فمن قولهم: إنه لم يعمل أحد خيراً ولا شراً ... فرد الله عليهم مكذباً لهم فقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ١}[محمد]، وقال: {كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}[البقرة: ١٠٩]، وقال: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ٥٢}[النجم]، وقال: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ٥٣}[الذاريات]، وقال: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[غافر: ١٧]، وقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}[الزلزلة]، مع الآيات الكثيرة المحكمة الواضحة من كتاب الله تصديقاً لما قلنا، وتكذيباً لما قالوا.
  وإنما أنزل الله الكتاب ليتمسك به، قال لنبيه ÷: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[الأحزاب: ٢]، وقال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ١٢٣ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ١٢٤}[طه]، وقال: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[الأنعام: ١٠٦]، ثم قال لجميع الأمة: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ٣}[الأعراف]، فاتقوا الله ولا تقولوا على الله إلا الحق، فقد بَيَّن لكم آثار