السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #
  تَتَّقُونَ ٣١ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ٣٢}[يونس].
  وكل ما ذكر الله سبحانه من هذا [كله](١) فقد علمنا بيقين وأدركنا بقلب وعين أنه مرزوق غير رازق، ومخلوق ليس لنفسه بخالق، ومملوك غير مالك من نفسه لشيء، ومخرج ومحيا غير مخرج لنفسه ولا محيي، وكل أمر السماء والأرض فقد يعاين مدبَّراً غير مدبِّر، ويرى أثراً بأبين شواهد التأثير من مؤثر، فلا بد ببت اليقين من رازق ما يرى من الأرزاق، ومدبر ما يعاين من أثر التدبير في السماوات والآفاق، ومالك ما يرى مملوكاً غير مالك من السمع والأبصار، ومخرج الحي من الميت والميت من الحي بمواقيت وأقدار، ولا بد من مدبر الأمر الأعم الكلي(٢)، ولن يوجد ذلك إلا الله الأعلى فوق كل علي.
  ومن ذلك أيضاً فقوله تبارك وتعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ٥٨ ءَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ٥٩}[الواقعة]. فالله سبحانه هو الخالق ونحن الممنون، ليس لنا في ذلك غير إمناء المني من صنع، ولا نقدر بعده لما قدَّر بيننا من الموت على منع. فتقديرُ صنعنا كله وتدبيرُه وتبديلُ خلقنا إن شاء خالقنا وتغييرُه إلى من تولاه دوننا، وكان منه لا منا، كما قال سبحانه: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ٦٠ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ٦١ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ ٦٢}[الواقعة]. فقرَّر سبحانه بمعلوم غير مجهول، وذكَّر بما لا ينكره سليم(٣) العقول من نشأة الصنع الأولى، فتبارك الله العلي الأعلى.
(١) ساقط من (أ).
(٢) قوله #: «ولا بد من مدبر الأمر الأعم الكلي»: المراد بالأمر الكلي كل إنسان وكل حيوان وكل شجر وكل حجر وكل ... إلخ. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).
(٣) لعلها: سليمو.