مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

السند إلى مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم #

صفحة 54 - الجزء 1

  ثم قال سبحانه: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ٦٣ ءَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ٦٤}⁣[الواقعة]. فالله هو الزارع ونحن الحارثون، ليس لنا في الزرع سوى حرثه من حيلة موجودة ولا معدومة⁣(⁣١)، ولا نقدر بعد الحرث له على إنشاء منه لسنبلة محمودة ولا مذمومة⁣(⁣٢)، وقدرتنا فإنما هي على الحرث والاعتمال وعلى خلافهما من الترك والإغفال، وكذلك فلله من القدرة بعد على إبطال الزرع وإبلائه مثل الذي كان له من القدرة قبل على تثميره وإنمائه، ولا يقدر على أمر إلا من يقدر على خلافه وعلى فعل كل ما كان من نوعه وأصنافه، فمن لم يكن كذلك وتصح صفته بذلك كان بريئاً من القدرة عليه، وكان العجز في ذلك منسوبا إليه، كما قال سبحانه في الزرع بعد إكماله: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ٦٥ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ٦٦ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ٦٧}⁣[الواقعة]. وكذلك إعذاب الماء وما يعاين من تنزيله من جو السماء، فلا يقدر على إعذاب الماء وإنزاله إلا من يقدر على إيحاجه وإقلاله، كما قال الله سبحانه: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ٦٨ ءَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ٦٩ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ٧٠}⁣[الواقعة]، وكل فعلِ فرع لا يتم إلا بأصله ففاعل الأصل أولى بفعل فرع أصله⁣(⁣٣)، كشجرة النار وأصول الأشجار التي هي من الأرض والماء والجو والسماء⁣(⁣٤).


(١) في (أ): معدومة ولا موجودة.

(٢) في (أ): مذمومة ولا محمودة.

(٣) في نسخة: ففاعل الأصل أولى بفعله.

(٤) قوله #: «كشجرة النار وأصول الأشجار التي هي من الأرض والماء والجو والسماء»: أي أن الأشجار محتاجة لما جعله الله في الجو من الرياح والرطوبة واليبوسة وغاز الأكسجين وغاز ثاني أكسيد الكربون، ومحتاجة لما جعله في السماء من الشمس وحرارتها ومنازلها. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله). [وهذا يشير أن في تعبير الإمام # بهذا المصطلح: «الجو والسماء» ما يدل على سعة علمه وسبق فهمه، إذ لم يظهر التعبير بالغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية إلا في زمن التقدم العلمي حيث عرف البشر أن الغلاف الجوي محيط بالأرض وبعده السماء وأجرامها، والله أعلم].