مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على الرافضة

صفحة 517 - الجزء 1

  جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ٧٨}⁣[الحج]، فجعلهم جميعاً برحمته وفضله وإكرامه لآبائهم من أوليائه ورسله شهداءه على خلقه وعباده، وأمناءه في أرضه وبلاده.

  وجعلهم سبحانه أئمة شهداء كما جعلهم، وفضَّلهم من ولادة إبراهيم وإسماعيل @ بما فضَّلهم، فبفعلهم للخيرات وعملهم للصالحات في كل ما حكم به عليهم من فرضه وعدهم ما وعدهم من الاستخلاف لهم في أرضه، وما وعدهم في ذلك من مواعيده، وتكفل لهم به في الشكر عليه من مزيده.

  وأخبر سبحانه بأصدق الخبر عن فسق من كفر منهم نعمه فيه، ولم يؤد من شكره به ما يجب لله عليه، فقال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٥٥}⁣[النور].

  فمن لم يفعل من الإيمان ما فعلوا ويعمل من الصالحات كما عملوا فلم يجعل الله له إيماناً ولا إسلاماً، فكيف يجعله الله في الهدى إماماً؟! وإنما جعل الله الإمام من هدى بأمره، وعُرِفَ بالجهاد في الله⁣(⁣١) مكان صبره، كما قال الله لرسوله ÷: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٢٣ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا


(١) في (أ): في الجهاد بالله.