مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على الرافضة

صفحة 518 - الجزء 1

  بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ٢٤}⁣[السجدة].

  فكيف يكون بالله موقناً أو معتصماً، أو عند الله مؤمناً أو مسلماً من يشبه الله بصورة آدم، وبما فيه من صورة الشعر واللحم والدم؟ وأولئك فأصحاب هشام بن سالم.

  أو كيف يكون كذلك من قال بقول ابن الحكم، وهو يقول: إن الله نور من الأنوار، وإنه سبحانه حبة مسدسة المقدار، وإنه يعلم بالحركات ويعقل، وتحف به الأماكن وينتقل، وتبدو له البدوات، وتخلو منه السماوات؛ لأنهم يزعمون أنه على العرش دون ما سواه، وأنه لا يبصر ما حجبت عنه الحجب ولا يراه، ويدنو لما يدنو له من الأشياء المشاهدة، وينأى عما نأى عنه بالمباعدة، فما نأى عنه فليس له شهيد، وما قرب منها إليه فهو منه غير بعيد.

  والله سبحانه يقول فيما وصف نفسه لعباده، وما تعرف إليهم به من الصفات في كتابه: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٦}⁣[المجادلة]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١٧}⁣[الحج]، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ١٦}⁣[ق]، وقال سبحانه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ٣}⁣[الأنعام]، أفما في هذا بيان؟ قاتلهم الله أنى يؤفكون!

  مع ما بين في غير هذا من بعده عن شبه الأشياء، من النور وغيره من كل ظلمة وضياء، من ذلك قوله سبحانه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام]، وقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، وقوله عن أن يحويه قول أو يناله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص]، والكفؤ: فهو المثل والند. فلو كان كما قال هشام وأصحابه نوراً أو جسماً، أو كان كما قال ابن الحكم لحماً أو دماً لكانت