مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[قول الروافض: إن الإمامة يرثها الابن عن الأب والرد عليهم]

صفحة 535 - الجزء 1

  إمام المسلمين وليس في سنة رسول الله ÷ ولا حكم الإسلام أن يصلى خلف طفل، ولا تؤكل ذبيحته، ولا تقبل شهادته، ولا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا نكاحه، ولا يؤمن على ماله، فمن لم يؤمن على هذه الأشياء ولا تأمنه على ألف درهم أو أقل أو أكثر فكيف يأمنه الله على أحكام دينه ودماء عباده وفروجهم ويقيمه مقام الأنبياء؟ لقوله تبارك وتعالى: «حجة بالغة»⁣(⁣١) فلا تكون الحجة لله في أرضه إلا عند بلوغه.

  وقوله تبارك وتعالى في الأطفال اليتامى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}⁣[النساء: ٦]، فيا عجباً ممن لم يأمنه الله على ماله إلا عند بلوغه فكيف يأمنه على خلافته؟

  وقد رويتم وروينا أن جعفر بن أبي طالب جلس بين يدي النجاشي فقرأ آية من الإنجيل ففهمها جعفر فضحك، فغضب النجاشي فقال: يا جعفر، أبكتاب الله تهزأ؟ والله إن الله أنزل على موسى في التوراة، وعلى داود في الزبور، وعلى عيسى في الإنجيل، وعلى نبيئك في القرآن (أن إذا ولي الخلائقَ الأطفالُ نزلت عليهم من السماء لعنة، أو أفرغت عليهم من السماء لعنة)، فكيف - ويحكم - يكون الطفل إمام المسلمين؟

  وإن زعمت الروافض بأن يحيى بن زكريا كان صبياً وكان نبيئاً يقال لهم: أحكم الأنبياء وحكم الأئمة واحد؟

  فإن قالوا: نعم يقال لهم: فَبِمَ بان الأنبياء من غيرهم إلا أن الأنبياء أعطوا ما لم يعط غيرهم من الأئمة، وأعطي الأئمة ما بانوا به من سواهم من الخلائق؟ مع أن يحيى بن زكريا لم يرسل إلى أحد من خلق الله، وكان نبياً ولم يكن مرسلاً، ولم يل أحكام الأمة، وكانت الأحكام إلى غيره، إلى زكريا مع أن يحيى دُعَاءُ زكريا إذ


(١) هكذا في الأصل وليست آية، ولفظ الآية: {الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}⁣[الأنعام: ١٤٩].