[قول الروافض: إن الإمامة يرثها الابن عن الأب والرد عليهم]
  قال: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ٥}[مريم]، وقال: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ٨٩}[الأنبياء]، وقال: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ٣٨}[آل عمران]، فوهب الله يحيى(١) إجابة لزكريا، وكان في وقت يحيى الحجة زكريا.
  فإن زعمت الروافض أن عيسى بن مريم تكلم في المهد صبياً يقال لهم: أفتزعمون أن عيسى بن مريم وصاحبكم شيء واحد؟! ألا ترى أن الله تعجب به خلقه، وأخبرهم بقدرته إذ قال: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا}[آل عمران: ٤٦]، وقال تبارك وتعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً}[المؤمنون: ٥٠]؛ لأنه لم يكن في ولد آدم مثله خلق من غير أب، ولم يقل: إن صاحبكم وأمه آية، مع أنه يستبين من صاحبكم للناس خلاف ما استبان من عيسى ويحيى وهما نبيان، فتحتجون علينا بحجة الأنبياء، وتساوون أصحابكم بالأنبياء، ونرى أفاعيلهم خلاف أفاعيل الأنبياء، إذ أخذوا التقية من المخلوقين دينا، وهذا يحيى بن زكريا لم يخف غير الله، ولم يدار في دينه استبقاء على بدنه، حتى قتل صلى الله عليه، ومع أن يحيى لم يلبس الليِّن، ولم يأكل الطَّيِّب، وكان باكياً آثار الدموع بخديه، حتى مضى إلى الله ﷺ.
  وهذا عيسى بن مريم تكلم في المهد صبيا، لم يحبس كلامه تقية على نفسه، وكان يخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله، فينفخ فيه فيكون طائراً بإذن الله، وكان يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، وكان يحيي الموتى بإذن الله، وكان ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، لم يتق أحداً من خلق الله ولا راقبه، وكانوا يقولون: ساحر مجنون كذاب كاهن، فلم يسعه كتمان ما جعل الله فيه بما عاين من تكذيب الخلق له، مع أن فعل عيسى بان من فعل صاحبكم.
(١) في (ب): فوهب الله له يحيى.