مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

جواب مسألة لرجلين من أهل طبرستان

صفحة 556 - الجزء 1

  

  قال الحسين⁣(⁣١) بن القاسم: سألت أبي رحمة الله عليه لرجلين من أهل طبرستان وهما: عبيد الله بن سهل، وهشام بن المثنى عن توحيد الله ومعرفته، وما اختلف فيه المختلفون من صفته، فقال ¥: اكتُبْ: سألتما أعانكما الله وهداكما، ونفعكما بما بصَّركما من الهدى وأراكما، عن توحيد الله ومعرفته، وما اختلف فيه المختلفون من صفته، فتوحيد الله والمعرفة به وتيقنه الذي لا يسع أحداً من المكلفين جهل شيء منه، جهلُ قليله في توحيد الله كجهل كثيره، وأصغر ما يجهل منه في الشرك بالله عند الله ككبيره، ومَن جَهِل من ذلك شيئاً واحداً لم يكن بالله موقناً، ولا له مُوَحِّداً أن يعلم أن الله واحد أحد، ليس له ندٌّ من الأشياء ولا ضد؛ لأن الند لما يُنَادُّه مكافٍ، والضد لما يضاده منافٍ، وليس من الأشياء كلها ما يكافيه، ولا يضاده فينافيه، فليس هو جل ذكره كشيء، وهو الأول قبل كل بَدِي، لم يلد سبحانه فيكون ولده له مثلاً، ولم يولد فيكون والده له بدءاً وأصلاً، كما قال سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص]، والكفو: فهو النظير والمثيل والشبيه والند. ولبعده سبحانه من شبه الأشياء ومماثلتها، ولتعاليه عن مشابهة جزئية الأشياء وكلِّيتها لم تدركه ولا تدركه أبداً عينٌ ولا بصر، ولا يحيط به من الناظرين عيان ولا نظر، كما قال سبحانه: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}⁣[الأنعام]، وقال عن أن يحويه قول أو يناله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، وقال سبحانه: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، والحي القيوم فهو الذي يبقى سرمداً ويدوم، وليس شيء من


(١) في (أ): الحسن.