مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

جواب مسألة لرجلين من أهل طبرستان

صفحة 561 - الجزء 1

  شركاً، كما قال الله سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}⁣[الأعراف: ١٨٠]، {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}⁣[النحل: ٦٠]، {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٨}⁣[يونس]، وقال: و {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ٣١}⁣[التوبة].

  ومن الإيمان بالله بعد التوحيد لله إثبات الوعد والوعيد، فمن أنكرهما ولم يكن مثبتاً لهما ضلالة وتأويلاً خرج بذلك من التوحيد، وكان بإنكاره لهما متعدياً ضالاً، وعمياً جاهلاً، وإن هو أنكر شيئاً من آيات تنزيلهما كان بالله مشركاً، ومن توحيد الله خارجاً، وله تاركاً.

  وكذلك كل من أنكر فريضة من فرائض الله كلها تنزيلاً، فإن كان إنكاره لها عماية وتأويلاً كان إنكاره لذلك فسقاً وحَرجاً، وكان جهله بذلك له من الإيمان مُخرجاً. وكل فريضة فرضها الله تنزيلاً على عبد من عبيده فعليه من معرفتها والإقرار بها ما عليه من الإقرار بمعرفة الله وتوحيده، إذ لزمته حجتها، وحضره وقتها، فإن كان بتنزيلها جاهلاً وله منكراً كان جهله بها منه لله شركاً وكفراً، وإن كان منكراً لتأويلها مقراً بتنزيلها كان بإنكاره فيها للتأويل فاسقاً فاجراً، ولم يكن مع إقراره فيها بالتنزيل بالله مشركاً ولا به كافراً.

  فهذه جوامعُ الإيمان الواجبةُ اللازمةُ، المشتبهةُ في حكم الله المتفقةُ المتلائمة، التي لا تختلف جُمَلُها، ولا يسع مكلفاً جهلهُا، والحمد لله كثيراً، وصلواته على سيدنا محمد وآله الطيبين الذين طهرهم من الرجس تطهيراً.