كتاب مديح القرآن الكبير
  التي أظهرها الله لصفوته من الأبرار، وخصَّ بعلمها من انتجبه لها(١) من الأخيار، فحباهم بفهمها واستخراجها، ودلَّ منهم بها من استدلَّ(٢) على منهاجها، فكشف لهم منها(٣) عن أنوار النور، وبيَّنَ لهم منها ما التبس على غيرهم من الأمور، فظهر لمن هداه الله بهم منها مكتومُها، وأسفر بعون الله لمن طلب علمها معلومُها، فسكنت إليها الأنفس، ونطق بها البكم الخرس، فقالوا بها ناطقين، ونطقوا بها(٤) صادقين، وحيوا بروحها بمنِّ الله(٥) مبصرين في الناس، وخرجوا بضيائها من الظلمات(٦) والالتباس، كما قال سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٢٢}[الأنعام]، وفيما بين الله سبحانه من آياته لمن آمن به ما يقول تبارك وتعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ١١٨}[آل عمران].
  وفي أن وحي الله حياة مِن أمر الله وروح، ونور وهدى ورشد ساطع يلوح - ما يقول سبحانه في وحيه، وفيما نزَّل منه على نبيه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي
(١) في (ج): لنا.
(٢) في (أ): ودل بهم من استدل.
(٣) في (ج): فكشف لهم بها.
(٤) في (أ): ونطقوا عنها.
(٥) من كل هلكة وموت، وتحركوا بحياتها من بعد جمود وخفوت، ومشوا بنورها.
(٦) في (أ): من الظلمة.