مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[العلم بقدر القرآن وقصده]

صفحة 52 - الجزء 2

  وليس يا بني بعد فوت الدين والدنيا حياةٌ لأحد من الخلق ولا بُقيا، فليكن أول ما تخطرون في الكتاب ببالكم وترمون إليه فيه - إن شاء الله - بأوهامكم ما ذكرت لكم⁣(⁣١) من غرضه ووصفت، ووقَّفت عليه من قصده وعرَّفت، فمن لم يعرف غرض ما يريد وقصده لم يبذل في الطلب له جهده، ولم يعلم منه أبداً هداية ولا رشداً، فخرج⁣(⁣٢) من علمه كله صفراً، ولم يصب بشيء منه ظفراً، وكان كمن سلك طريفاً لا يعرف وجهته ولا قصده، فتبع فيه ضلالته وحيرته وتلدده، فلم يزدد من الهدى إلا نقصاً وبُعداً، فهلك وأهلك، فَضَلَّ⁣(⁣٣) وأضل عن سواء السبيل، وجثم وأقام هالكاً متحيراً بين هلكات الأضاليل، لا يبصر رشده فيه ولا هداه، مهلكاً لمن أطاعه، مطيعاً لمن أرداه⁣(⁣٤)، لا يرى فيه للهدى علَمَاً، ولا يطأ به من رسومه رسماً.

  فاعرفوا يا بَنِيَّ هديتم لرشدكم ما قد حددته لكم في كتاب الله من القصد والغرض، فإن بعض ذلك يدعو إلى بعض، فمتى تعرفوا يا بني غرض كتاب الله وقصده يبذل كل امرئ منكم في طلبه جهدَه، ويفز منه بالحظ الأوفر، ويظفر منه⁣(⁣٥) بالفوز الأكبر، فيستأنس⁣(⁣٦) به من الوحشات، ويكتفي بعلمه من


(١) «لكم» ساقطة من (د).

(٢) في (أ): وخرج.

(٣) في (أ): وضل.

(٤) «مطيعاً لمن أراده» ساقط من (أ).

(٥) في (أ): فيه.

(٦) في (أ): فيأنس.