[العلم بقدر القرآن وقصده]
  يخسر فيه تجار ولا صنَّاع.
  وفي ذلك وأولئك ما يقول الله سبحانه: {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}[الرعد: ٢٢]، فافهموا هداكم الله عن الله هذا البيان والنور، واعرفوا قوله ﷻ: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}[النور: ٣٧].
  واعلموا أن التجارة مشغلة وملهاة لكل من آثر على دينه دنياه(١)، وبَخِلَ عن الله من الدنيا بما أعطاه، واقتصر لنفسه مما ينجيها على رجاء المغفرة وتمنِّيها، مقيماً على المعاصي لا يزول عنها ولا يبرح، ظالماً في ذلك لنفسه لا يشفق عليها ولا ينصح(٢)، ولا يقبل من رشده وهداه إلا ما وافق محبته وهواه، عدوّاً لمن نصحه في الله، معرضاً عمن دعاه إلى الله، إن عرِّف ما جهل من حق لم يعرفه، أو نازع فيه ولياً من أولياء الله لم ينصفه، مفترٍ عليه فيه بهَّات، له جلبة بجهله وأصوات، يقول الباطل، ويتبع الجاهل، ليس له في نصح الناصحين حظ ولا نصيب، ولا له مع جهله من الصالحين ولي ولا حبيب، فهو كما قال صالح نبي الله ورسوله ~ ورضوانه، إذ تولى عن قومه عند نزول عذاب الله بهم ونقمته(٣): {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ٧٩}[الأعراف]، وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ١٥٠ وَلَا تُطِيعُوا
(١) «دنياه» ساقط من (أ).
(٢) «ولا ينصح» ساقط من (أ).
(٣) في (أ): لهم. وسقط منه: ونقمته.