مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة الهمزة

صفحة 84 - الجزء 2

  ما أراده الله به من ضر سوى الموت فليس يقدر له بجمع ماله وإعداده على خلاص ولا فوت في عاجل دنياه، وكذلك هو في مثواه يوم القيامة إذا نبذ في الحطمة، ونبذه فيها: إلقاؤه إليها. والحطمة: فهي الأكول لأهلها باستعارها وحرها، وهي النار التي جعل الله وقودها كما قال سبحانه بما يجعل⁣(⁣١) من حجارتها وأهلها في قرارها، وفي ذلك ما يقول تبارك وتعالى للمنذرين: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ٢٤}⁣[البقرة].

  فنارُ الآخرة جعلت ناراً فطرها الله يومئذٍ افتطاراً من غير حديد ولا حجر ولا شجر، ولا أصل لها قبلها مفتطر، كما نراه من هذه النار التي جعل أصلها من الحجر والأشجار، كما قال سبحانه: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ٧١ ءَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ٧٢}⁣[الواقعة].

  ولو كانت نار الآخرة كهذه النار لكان وقودها بما توقد هذه النار من أشجار، ولكن الله ø جعل أصلها حجارتها التي فيها وأهلها، فتوقدت واستعرت لذلك بهم كما يوقد أهل هذه النار نارهم بحطبهم، فأهلها حطبها، كما هم حصبها، كما قال الله سبحانه: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ٩٨}⁣[الأنبياء]، فأهلُ جهنمَ بخلودها ودوام وقودها فيها خالدون، لا يفنون أبداً ولا يبيدون، وكما يعود الحطب رماداً ورفاتاً جامداً⁣(⁣٢)


(١) في المطبوع والمصابيح: جعل.

(٢) في المطبوع والمصابيح: كما يعود الحطب رماداً خامداً ورفاتاً جامداً.