تفسير سورة الهمزة
  كذلك تعود جلود أهل نار الآخرة(١) رفاتاً، وشيئاً هامداً بالياً مايتاً، فيجدد الله ذلك بعد بلائه وتهافته تجديداً؛ ليخلد الله بالتجديد له أهل النار فيها تخليداً، كما قال سبحانه: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ٥٦}[النساء]، فنار الآخرة أبداً بحجارتها وأهلها موقدة، وحجارتها وجلود أهلها كلما بليت فمعادة، تقديرٌ من عزيز حكيم، لبقاء عذاب الجحيم.
  وتأويل قوله: {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} فهو ما يصل إلى قلوب أهلها من الكرب والشدة. وتأويل: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} فهو مطبقة مغلقة، وإغلاق جهنم فهو ما ذكر الله ø من أبوابها، والإيصاد للأبواب الذي هو التغليق عليهم فهو من شدة عذابها، وما ذكر الله من الإطباق والغلق فهو أكبر للغم(٢) والألم والحرق، كما قال سبحانه: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٠}[السجدة].
  وتأويل: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} بعد ذكره تبارك وتعالى المؤصدة فهو: ما تغلق به أبواب جهنم المؤصدة المطبقة من(٣) عَمَد معروضة على أبوابها ممددة، كالمهاج والأوصاد التي تجعل على الأبواب المغلقة، وذلك من الإغلاق.
  والغلق: فأوثق ما يغلق به كل مُغِلق أراد إغلاقَ الباب، وذلك أنه يأخذ ما في
(١) في المطبوع والمصابيح: أهل النار نار الآخرة.
(٢) في المطبوع والمصابيح: الغم.
(٣) في المطبوع والمصابيح: في.