مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير سورة الهمزة

صفحة 85 - الجزء 2

  كذلك تعود جلود أهل نار الآخرة⁣(⁣١) رفاتاً، وشيئاً هامداً بالياً مايتاً، فيجدد الله ذلك بعد بلائه وتهافته تجديداً؛ ليخلد الله بالتجديد له أهل النار فيها تخليداً، كما قال سبحانه: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ٥٦}⁣[النساء]، فنار الآخرة أبداً بحجارتها وأهلها موقدة، وحجارتها وجلود أهلها كلما بليت فمعادة، تقديرٌ من عزيز حكيم، لبقاء عذاب الجحيم.

  وتأويل قوله: {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} فهو ما يصل إلى قلوب أهلها من الكرب والشدة. وتأويل: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} فهو مطبقة مغلقة، وإغلاق جهنم فهو ما ذكر الله ø من أبوابها، والإيصاد للأبواب الذي هو التغليق عليهم فهو من شدة عذابها، وما ذكر الله من الإطباق والغلق فهو أكبر للغم⁣(⁣٢) والألم والحرق، كما قال سبحانه: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٠}⁣[السجدة].

  وتأويل: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} بعد ذكره تبارك وتعالى المؤصدة فهو: ما تغلق به أبواب جهنم المؤصدة المطبقة من⁣(⁣٣) عَمَد معروضة على أبوابها ممددة، كالمهاج والأوصاد التي تجعل على الأبواب المغلقة، وذلك من الإغلاق.

  والغلق: فأوثق ما يغلق به كل مُغِلق أراد إغلاقَ الباب، وذلك أنه يأخذ ما في


(١) في المطبوع والمصابيح: أهل النار نار الآخرة.

(٢) في المطبوع والمصابيح: الغم.

(٣) في المطبوع والمصابيح: في.