مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

تفسير القارعة

صفحة 89 - الجزء 2

  الْيَقِينِ ٧}؟ يقول جل ثناؤه: لترون ما وعدتم منها رأي العين عين يقين.

  وتأويل {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} هو: لتوقفن حينئذٍ على ما كنتم فيه قبل متوفاكم وفي حياتكم ودنياكم من النعيم والمَنِّ العظيم، الذي كانوا يتنعمون به في الحياة الدنيا وبقائها، وقبل ما صاروا إليه من الآخرة وشقائها.

  وليس مما نزل الله ø من آياته في هذه السورة ولا غيرها طويلة ولا قصيرة إلا وفيها من الله⁣(⁣١) دلالات خفية باطنة وظاهرة منيرة، ففي أقل ظاهرها ما كفى وأغنى، وفي خَفِيِّها من الحكمة والبركة ما لا يفنى.

تفسير القارعة

  

  وسألته عن قول الله سبحانه: {الْقَارِعَةُ ١ مَا الْقَارِعَةُ ٢ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ٣}

  فالقارعة: ما هال من الأمور وقرع، وهجم على أهله بغتة بأهواله فأفزع.

  وأما تأويل ما أدراه فهو: تعظيم منها لمرآه، وما سيعانيه فيها ويراه من الأهوال والأمور الفادحة، وجزاء الأعمال الصالحة والطالحة، حين تقوم القيامة، وتدوم الحسرة والندامة على كل خائب وخاسر، وظالم معتدٍ فاجر، ألا تسمع كيف يقول سبحانه عند بعثه فيها لخلقه المبعوث: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ٤}، وتأويل {يَكُونُ} فهو: يصير، والفراش: فطَيرٌ صغير خفيف عند من يراه حقير، من همجِ الأرض والطير، تُمثِّل به العرب في الكثير؛


(١) في المطبوع والمصابيح: بمن الله.