تفسير سورة العلق
  والكرم فيما وصل به إليه من النعم من مواهبه في العلم وغير العلم، وقد علّم الله رسوله # من شرائعه ودينه وإن لم يكتب بقلم أو يخط كتاباً بيمينه ما جعله الله به - فله الحمد - إماماً لكل إمام كان معه في حياته وبعد وفاته من الكتبة والعلام، فكان بمَنِّ الله لكلهم إماماً ومعلماً، وعلى جميعهم في العلم والحكمة مقدماً، وفي ذلك وبيانه ما يقول الله سبحانه في قرآنه(١): {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ٤٨}[العنكبوت]، فكفى بهذا والحمد لله بياناً وبرهاناً لقوم يعقلون.
  وتأويل: {كَلَّا} فهو: نعم وبلى، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ٦ أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى ٧}، فتأويل يطغى فهو العتاء والطغاء، وتأويل {أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى ٧} فهو: تكَثُّره بالجدة والغنى في كل ما رآه فيه من علم ومال، وما يراه مستغنياً به أو مستطيلاً به من كل حال.
  وتأويل {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ٨} فهو: إلى الله المعاد في قيامة الموتى، ثم قال سبحانه لرسوله ÷: {أَرَأَيْتَ ...} تثبيتاً له # وتعريفاً، وتبييناً أيضاً لمن كفر به وتوقيفاً على ما يعرفون ولا ينكرون، وما هم به جميعاً كلهم مُقرِّون، من أنه ليس لأحد أن ينهى عبداً من عباد الله عن الصلاة والأمر بالتقوى لله.
  فتأويل {أَرَأَيْتَ} هو: أرأيت أنت ومن معك ممن يرى، كما يرون كلهم جميعاً وترى(٢) أن كل من صلى من خلق الله وأمر بما يحب الله ويرضى؛ مبتغياً
(١) في المطبوع والمصابيح: فرقانه.
(٢) في المطبوع والمصابيح: كما ترون وكلهم جميعاً يرى.