العالم والوافد
  الفسحة، فلا تذهب أيامك سُدى، فاعمل فيها بطاعة الله، وعلق قلبك في ملكوت إلهك، واجعل دليلك القرآن، وقرينك الأحزان، وفعلك الإحسان، وطعامك الفكر، وحديثك الذكر، وحليتك الصبر، وقرينك الفكر، وهمك الحساب، وسعيك الثواب، وجليسك الكتاب، وأملك الرجاء، وسريرتك الوفاء، وسيرتك الحياء، وفاقتك الرحمة، وعملك الطاعة، وطلبتك النجاة، وسؤالك المغفرة، وسبيلك الرضا، وخوفك العقاب، ورقيبك الثواب، وعن يمينك الكتاب، فمن سلك هذه الطريق سبق، ومن تكلم بهذا صدق، وهي عروةٌ من تعلق بها استوثق، والحمد لله رب العالمين.
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: الإسلام، وهو أن تسلم للذي آمنت به. ومن الإسلام أن تسلم كليتك إلى أعمال الطاعات، فإذا بلغت ذلك سلمت من العقاب، وسلم الخلق منك، ويكون إسلامك بالظاهر والباطن حتى لا يخالف قولك فعلك، ولا فعلك قولك، فيكون ظاهرك هو باطنك، وباطنك هو ظاهرك، وتكون موقناً بالوحدانية، مقراً بالربوبية، معترفاً بالعبودية، مجللا للعظمة، هائباً للجلالة، فرحاً بالملكة، محباً للطاعة، طالباً للرضا، خائفاً للبعث، راغباً للجزاء، راهباً للعذاب، مؤدياً للشكر، مداوماً على الذكر، معتصماً بالصبر، عاملاً بالفكر، فهذا عمل الباطن.
  وأما عمل الظاهر: فالاجتهاد في أداء الفرائض والسنن والفضائل والنوافل، منها الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن