مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

العالم والوافد

صفحة 206 - الجزء 2

  كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، وهو على كل شيء قدير، فهذه معرفة الله تعالى بالتفكر.

  وأما المعرفة بالفكر والنظر بالقلوب والتمييز بالألباب فهي في عظيم قدرة الله تعالى وارتفاعه، وعلوه وبقائه، ونفاذ أمره، وبيان حكمته، وإحاطة علمه، وكثرة خلقه، وسعة رزقه، وقرب رحمته، وجود كرمه، وكرم تطوله، وبيان حكمه، وحسن رأفته، وجميل ستره، وطيب عافيته، فلله الحمد على ذلك كثيرا.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: الإيمان بالله والإقرار به، وبما جاءت به الرسل من عند الله تعالى، وتؤمن جوارحك حتى لا تستعملها في شيء مما يكرهه منك ربك، فتكون قد أمنتها من عذاب الله. ومن الإيمان أن يأمن الناس من يدك ولسانك وظنون قلبك، فإذا فعلت ذلك فأنت مؤمن. ومن الإيمان الرضا بالقضاء، والشكر على العطاء، والصبر على البلاء. ومن الإيمان المحافظة على الفرائض والسنن، والقيام بالنوافل والفضائل.

  ومن الإيمان أن تعلم أن الله حق، وقوله حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الثواب حق، والحشر حق، والقيامة حق، والعرض حق، والحساب حق، وأن الله على كل شيء قدير.

  وأنك منقول من هذه الدار الفانية، إلى الدار الآخرة الباقية، مسئول عن أعمالك، موقوف على أفعالك وأقوالك، وإقلالك وإكثارك، وإعلانك وإسرارك، فتَجِدُ كلما عملت قد أحصي عليك، وأنت اليوم في دار المهلة، ومكان