مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

العالم والوافد

صفحة 216 - الجزء 2

  قال: فأيهما أحب إليك الثواب أم الحساب؟

  قال: بل الثواب أحب إلي من الحساب.

  قال: أما علمت أنك في وقت الشدة ترجو الرخاء، وفي وقت الرخاء تخاف الشدة؟ وذلك قوله ø: {فَإِنَّ معَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ معَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}⁣[الشرح] فتعرف حد الشدة فتكون راجياً للرخاء، وتعرف حد الرخاء فتكون خائفاً للشدة؛ لأن الرخاء والشدة يعتقبان، فاستعد للحالتين جميعاً، ولست أعني لك شدة الدنيا ولا رخاءها؛ لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، ولكني أخاف عليك شدة الآخرة إذا رضيت برخاء الدنيا.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: الرضا بالعطاء، والصبر على القضاء.

  قال الوافد: وكيف يكون الشكر؟

  قال العالم: الشكر على سبعة أشياء.

  قال: وما هي حتى أعرفها؟

  قال العالم: الخلق، والْمَلَكَة، والرزق، والعافية، والعلم، والقدم، والقدرة.

  فتنظر إلى ثبات عقلك، وتمام خلقك - فتحمد الله العظيم على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى الملكة - فكم من ذي روحٍ غيرُه له مالك، والله مالك كل شيء، وأنت لا مالك لك - فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى الرزق، فإذا هو من عند الله سبحانه فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى مالك وولدك، وطعامك وشرابك ولباسك، ونومك ويقظتك،