مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

العالم والوافد

صفحة 217 - الجزء 2

  وانظر إلى اختلاف الليل والنهار، كيف يقربان البعيد، ويُخْلِقَان الجديد.

  ثم تنظر إلى العافية وإلى كل شيء تخافه على نفسك، في ليلك ونهارك، مما ترى ومما لا ترى، فتعلم أنه لا يدفع ذلك ولا يصرفه ولا يكفيك ما ترى وما لا ترى إلاَّ الله سبحانه - فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  ثم تنظر إلى المصائب التي تصيب الناس في أبدانهم المركبة عليهم، فتعلم أن في تركيبك مثل ما في تركيبهم، فتحمد الله الذي ستر عليك، مما ظهر على غيرك، من العلل والآفات، ثم تنظر إلى من كان من قبلك، وإلى من هو كائن من بعدك، في دنياك وآخرتك، فتحمد الله على ما مضى وتسأله النجاة فيما بقي.

  ثم تنظر إلى العلم، فتعلم أنه تعالى قد علم ما هو كائن قبل أن يكون ثم تنظر إلى القدم فتعلم أن الله قديم لم يزل، ولا يزول، ولا يزال.

  ثم تنظر إلى القادر، فتعلم أن الله قادر لا بقدرة غيره، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.

  ثم تنظر إلى جميع ما سخر لك من جميع ما خلق الله وذرأ وبرأ، من السماء التي زينها بالكواكب والشمس والقمر، وأجرى ذلك لمنافعك، وما جعل من الرياح والسحاب، وما جعل في الأرض من الحيوان المسخر، المجبور المقهور، المنقاد إلى المنافع - فتحمد الله على ذلك كثيراً.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: الصبر على قضاء الله سبحانه، فما جاء من عند الله حمدت الله عليه، ولم تسخط ذلك، وسلمت لأمر ربك، ورضيت بقضاء خالقك، وحمدت الله