وله # موعظة لبعض إخوانه واعظا ومذكرا وحافظا لأمر الله ومبصرا
  يا أُخَيّ، فلا تغفل عن الموت والبعث غفلة من يُرَى من أشباه الحمير، فإن بغفلتهم عن الموت والبعث بعدوا كما رأيت من النجاة والفوز والحبور، فعموا عما كان ممكنا في حياتهم من الهدى والرشاد، وشقوا بعمايتهم في المرجع إلى الله والمعاد، فدام شقاؤهم وتبارهم، وأقام ندمهم وخسارهم، ثم بكوا فلم يرحموا بالبكاء، ودعوا فلم يجابوا في الدعاء، {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، فقال لهم مالك: {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ٧٧}[الزخرف]، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ١٢}[السجدة]، وعند تلك وفيها وعند ما صاروا إليها قالوا: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ١٠٦ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ١٠٧}[المؤمنون]، فما كان جوابهم عند قولهم وطلبهم وعندما أحل من سخط الله المخلد بهم إلا أن قال: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ١٠٨}[المؤمنون].
  يا أُخَيّ، فاسمع ما تسمع سماع متبع، ولا تسمعه سماع مستمع، فرب مستمع غير سميع، وسامع مطيع، كما قال الله سبحانه: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا}، تأويل ذلك: لم يطيعوا ولم يعوا، {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ١٩٨}[الأعراف]، وتأويل ذلك: لا يبصرون من الهدى ما يبصرون.
  وفي من سمع بالسمع ولم يسمع ولم يطع ما يقول الله تبارك وتعالى في التنزيل للعصاة من بني إسرائيل: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}[البقرة: ٩٣]، فنسأل الله أن