مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

وله # موعظة لبعض إخوانه واعظا ومذكرا وحافظا لأمر الله ومبصرا

صفحة 296 - الجزء 2

  وبقاؤه.

  فوا عجباً لمن كان بهذا موقنا بل لمن ظنه - وإن لم يوقن به - ظنا كيف لعب ولها؟! وغفل فسها، ولقد اكتفى الله سبحانه في ذلك لمن لم يوقن ببعثه⁣(⁣١)، ولم يدن لله فيه بحقيقة دينه - بالظن، فقال سبحانه: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ٤ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ٥ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٦}⁣[المطففين]، اكتفاء لهم بالظن لو ظنوا من حقائق اليقين، وتذكيرا فيه لهم بما يمكن كونه يوم الدين.

  وفيما كان به المؤمنون في دنياهم يوقنون من لقاء ربهم ويظنون ما يقول سبحانه: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ٤٦}⁣[البقرة]. فذكر الله سبحانه ظنهم بلقائه، ومرجعهم إليه وإلى جزائه، فكان عملهم واجتهادهم في دينهم على قدر حقيقة ظنونهم، فكيف يكون مثلهم من يدعي يقينهم وفضلهم وهو غافل لاعب، وقائل كاذب، يقول ما لا يفعل، ويقر بما لا يعمل؟

  وفي مقت الله سبحانه، لمن آمن ففكر فذكر الله إيمانه، وعلمه بالإيمان لله وبالله، وإيقانه، ما يقول تبارك وتعالى اسمه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ٣}⁣[الصف]. ويقول سبحانه لمن ادعى الصدق والوفاء، وإتيان ما يحب الله ويرضى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٠٥}⁣[التوبة].


(١) في (ج) وهي النسخة الوحيدة التي رأيت الموعظة فيها: بنفسه. ولعل ما أثبتناه الصواب.