باب القول في المشرك
  ومن أوكد ما على من لمس كل مشرك أو ثوبه أو مجلسه أو مركبه. وكل من يشاق الله سبحانه بكبائر العصيان أو يعصيه فلا يجوز أن يتخذه مؤمن قبلة أو سترة؛ لأنه ليس بطاهر، وليس ممن له طهارة ولو طهر بالماء وتطهر فأكثر ما عتى في أمر الله واستكبر؛ لأن الطهارة عند الله سبحانه طهران: أحدهما: طهر النفس، والآخر: طهر الأبدان.
  فطهر الأنفس قبل أبدانهما هو برآتها من كبائر عصيانها.
  وطهر الأبدان هو ما حددنا من الوضوء فيما أمر الله سبحانه بغسله من كل عضو، فمن لم يطهرهما جميعاً لم يكن طاهراً ولا مطهرا، ولم يجز لمؤمن أن يتخذه قبلة ولا سترا، وكذلك هو أبدا حتى يتوب إلى الله سبحانه ويرجع، ويقصر عن مشاقته لله سبحانه وينزع.
  فهذا ما لله على المصلي إذا صلى، فرضا كانت صلاته أو تنفلا، في الطهارة من لدن بطن قدميه إلى حاق ذوائب رأسه، ثم لله عليه بعد هذا كله إذا صلى في لباسه ألا يصلي فرضاً ولا تنفلا في شيء منه حتى يزول عنه كل ما ذكرنا من النجاسة كلها عنه، وأن يكون اللباس مع زوال نجاسته غير فاحش المنظر في وسخه ولا دناسته، فإذا أنقى اللباس كله من كل نجس، وبري من كل ما ذكرنا من فاحش الوسخ والدنس، وطهر ما يتوضأ به من الماء، وكل ما يتطهر فيه من إناء.
  وطهارة الماء أن لا يتغير ريح ولا لون ولا طعم، وطهارة الإناء ألا تكون فيه نجاسة تعلم، فإذا أتم المتوضئ وضوءه هذا كله، وقام بما لله عليه فيه فأكمله، فهو حينئذ الطاهر غير شك ولا مرية، ثم لله عليه بعد أن لا يصلي من بقاع الأرض إلا في بقعة نقية، ولا يستتر بسترة من حجر أو مدر إلا أن يكون طاهرا