مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

باب القول في المشرك

صفحة 311 - الجزء 2

  من كل نجس أو قذر. فإذا أتم هذا كله من أمره فقد أتم ما أمره الله سبحانه به من وضوئه وطهره، فغسل دبره وقبله، وأنقى ذلك منه كله، وطهر منه ما أمره الله سبحانه بتطهيره، وقدم ما أمره الله بالتقديم له في الطهارة على غيره، وكان تقديم ما قدم منه على غيره في التطهير دليلا على حكمة من حكم بتقديمه في التدبير، وشاهدا على أن من حكمه متعالي⁣(⁣١) من غفلة المغاليط، وعالماً بفرقه بين المحاب في الأشياء والمساخيط.

  ولتقديمه على غيره⁣(⁣٢) ما أمر الله به من وضوئه وتطهيره ما يقول الله سبحانه ما أوضح أمره وبيانه: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}⁣[النساء: ٤٣].

  فأوجب سبحانه على كل متغوط من الوضوء إذا وجد الماء ما أوجب من الغسل إذا وجد⁣(⁣٣) في ملامسة النساء، وقد يعلم أن المجيء للغائط قد يكون للخلاء والأبوال، كما قد يعلم أن الملامسة قد تكون للنساء من الرجال.

  وكيف لا يَرَوْنَ مَنْ لم يغسله عنه من مجرده وهو هنالك أكثر غَيْرَ متطهر وهم


(١) قوله #: «أن من حكمه متعالي»: يظهر لي - والله أعلم - أن «من» دخلت هنا بالخطأ من ناسخ أو من غيره؛ لاستقامة الكلام بدونها، واضطرابه بوجودها. وقوله #: «وعالماً بفرقه بين المحاب ... إلخ» معطوف على المعنى، والتقدير: وكان الله بتقديم ما قدم .... حكيماً ... ؛ فعطف «وعالماً» على «حكيماً»، ويسمى مثل هذا: العطف على المعنى أو العطف على التوهم. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).

(٢) قوله #: «ولتقديمه على غيره ما أمر الله به ..»: المعنى: والدليل على تقديم غسل القبل والدبر هو ما أمر الله به من الوضوء والتطهير بعد الخروج من الغائط. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).

(٣) في المخطوطة: أوجد.