مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

باب القول في السرقة

صفحة 318 - الجزء 2

  وكيف يصلح الله وضوءه وطهره وقد أحبطه الله ودمره؟! وكيف يطيب ذلك أو يطهر به وقد أبطل الله سعيه وعمله؟ فلم يتقبله جل ثناؤه عنه، ولم يصلح له ما عمل منه.

  وكذلك ومن ذلك كل أرض مسجد أو مكان ما كان أخذ من أهله غصبا، أو مسجد بني بمال سرق أو غلب عليه أهله من المؤمنين أو الذميين غلبا، فلا يحل لأحد أن يأتيه، ولا يسع مؤمنا أن يصلي فيه؛ لأنه اتخذ بكفر في دين الله ومعصية، وأسس بأسباب لله سبحانه غير مرضية.

  ألا تسمع لقول الله سبحانه ما أنور بيانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١٠٧ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ١٠٨}⁣[التوبة]، فنهاه ÷ إذ بني لمعصية وبمعصية عن أن يقوم فيه أبدا، وجعل تركه للقيام فيه وإن كان مسجدا من المساجد طاعة وهدى، وكيف تجوز فيه صلاة أو يكون له طهر أو زكاة ولم يأذن الله سبحانه في بنائه لمن بناه قط؟ بل بناؤه له معصية لله كبيرة وسخط، ودخوله على من بناه محرم لا يحل، فكيف تحل فيه صلاة أو تتقبل.

  ألا تسمع لقول الله جل ثناؤه فيما رفع من البيوت بإذنه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ٣٧}⁣[النور]، فدل سبحانه عليها وعلى زكاتها بما ذكر من