باب القول في السرقة
  فهو ما ذكره الله سبحانه من الملامسة، لأن الله سبحانه يقول تبارك وتعالى في هذه الآية ما يدل على أنها الإجناب بغير شك ولا مرية: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٦}[المائدة]، ولو لم يكن الإجناب هو ملامسة النساء لما احتيج في هذه الآية إلى ذكر وجود الماء، فقال سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة: ٦]، وطيب الصعيد لا يكون قذراً ولا قشباً.
  وسواء احتلم فأمنى في احتلامه أو لامس النساء فأمنى في غير منامه، ومن اغتسل في إكساله لم يكن مذموما على اغتساله.
باب القول في السرقة
  وأوجبنا على من سرق سرقة ألا يتوضأ بها ولا يصلي فيها؛ لأنه عندنا في حكم الله ملعون عند الله بها وعليها، ومنهي منها أشد النهي من الله عن حبسها عن أهلها طرفة عين، ومحكوم عليه فيها بالقطع فيما شرعه الله من أحكام الدين، وكيف يجوز أن يصلي على سرقة أو في سرقة من سرقاته أو يتوضأ بما قد سرقه؟ فيكون بما كان من وضوئه من ذلك عند الله في أهل المهالك، قد أحبط الله به عمله وأجره، وأبطل بما ركب من ذلك طهره، فلا وضوء ولا طهارة له، وكيف يكون طاهرا أو متطهرا وقد أبطل عمله بما فارق فيه من التقوى، وركب فيه بما ركب من كبائر الأسواء، ولا يقبل الله إلا من المتقين، ولا يصلح الله عمل المفسدين، فعمله غواء فاسد، وهو عن التقوى عاند.