القول في الماء القليل
  عدد الصلوات بيانا وتبيانا، فعلمنا أن الصلوات التي أمروا بالمحافظة عليها أربع عددا، وأن الوسطى التي أمروا بالمحافظة عليها معها خامسة فردا، لأن الخامسة لا تكون وسطى لثلاث أبدا، وإنما هي واسطة لأربع، فدل على عدد الصلوات أجمع، وكانت فيما بان من هذا حجة على البدعية وغيرها من الرافضة وغوالي الجهلة والحشوية، لأن البدعية قالت: إنما يجب في اليوم والليلة صلاتان على المصلين، وقالت الرافضة فيها بواحدة وخمسين، وقال من فيها جهل وغلا: يجزي كل مصل ما صلى.
  ثم جعل الله تبارك وتعالى لما فرض من هذه الصلوات ما جعل من الطهور والمقادير والأوقات، فتنوزع أيضا واختلف فيه، وكان ما قلنا به من ذلك وذهبنا إليه ما أخذنا وقلنا فيه عن منزل الكتاب، وما لا يأبى - إن شاء الله - علينا قبوله أولو الألباب.
  فقلنا وبالله نستعين على الهدى، ونعوذ به من الضلالة والردى: وقت كل صلاة قبلها، وكذلك ما فرض الله من الطهور لها، وكل وقت كان للفريضة اللازمة فهو وقت للنافلة المتطوعة. وكل وقت لا تصلى فيه الفرائض فلا يصلح أن تصلى فيه النوافل. وخبر المقادير والأوقات ما جعل وقتا للصلوات، كما خير الشهور والأزمان ما دلنا الله عليه من شهر رمضان، وخير ليالي الشهر ما ذكره الله من ليلة القدر، وخير الأيام السبعة ما دلنا عليه من يوم الجمعة.
  وبلغنا كثيراً لا نحصيه أن علياً رأى رجلاً يصلي ضحى أو ضحيا فقال: