القول في الماء القليل
  ([ما](١) له نحر الصلاة، نحره الله).
  وبلغنا أن أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين كان يقول: (والله ما صلى رسول الله ÷ في مسجده الضحى قط).
  وبلغنا أن علياً صلى الله عليه وآله كان يقول كثيرا لبنيه: (يا بَنِيَّ، لا أنهاكم عن الصلاة لما فيها من ذكر الله، ولكني أسخط لكم خلاف رسول الله ÷).
  وقال الله لا شريك له في الوقت وما حد للصلوات منه فيما نزل من الكتاب لرسوله ÷: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ٧٨}[الإسراء]، فجعل الله هذا وقتا للصلوات من الفرائض والنوافل محدودا، وقال له ÷: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}[الإسراء]، وما أمره الله سبحانه - في صدر نهاره ولا في شيء مما وصل إلينا عن الرسول من أخباره بنافلة من النوافل، وما كان بفضيلة من الفضائل بجاهل، فأمره بالصلاة من دلوك الشمس وهو الميل والزوال، وغسق الليل فهو السواد والإظلام، وهو الطرف الآخر، والطرف الأول فهو الفجر. وفي هذين الوقتين وما فرض فيهما من الصلاتين ما يقول سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤]، فجعل سبحانه طرف النهار الأول كله وقتا للفجر، وجعل الطرف الآخر كله وقتا للظهر والعصر، وجعل زلف الليل كله جميعا وقتا للمغرب والعشا معا، فبين أوقات الصلوات لمن فرضت عليه بيانا لا شبهة
(١) ما بين المعقوفين من الثمرات. وفي المنتخب (٧٣): ما له ينحر.