مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

باب الوضوء

صفحة 353 - الجزء 2

  الوضوء أن يتنقى، إلا أن يكون متوجها لها وإليها، ويريد القعود انتظارا أو محافظة عليها، أو يريد صلاة نافلة قبلها، فيجوز الوضوء لديها وبالانتظار لها، فأما إن تشاغلت بعد الوضوء عنها بشغل من الأشغال أو بعمل ما كان ليس لها من الأعمال فلسنا نحب ذلك لك، ولا أن تخلط الشغل بما يشغلك.

  وتبدأ - إن شاء الله - وضوءك بالماء بالإفراغ على يدك اليمنى من الإناء، فإذا غسلت⁣(⁣١) اليمنى فأفرغ بها على اليسرى، فأنق بها ما أقبل وأدبر من دنس، ثم أنق من كل دنس أو درن يسراك، واغسل وجهك كله بها مع يمناك، واغسل بهما لحيتك وعنفقتك وشاربك، وابدأ بالمضمضة والاستنشاق، ولا تلتفت إلى ما في أيديهم فيهما من الأخبار، فإنه زور وباطل وغرور، لأن في ذلك من الأنف والفم والمنخرين⁣(⁣٢) وغيرهما من اللحية والعنفقة والشاربين من الوجه وأقسامه، فحكمهن كلهن في الغسل كأحكامه، يلزمهن كلهن من الغسل ما لزمه، إذ جعلهن الله كلهن منه، فمن ترك منهن كلهن شيئاً لم يكن وضوؤه له في صلاة مجزيا، وكان عليه الإعادة لكل صلاة صلاها، كما عليه الإعادة لو ترك ناحية من ذراعه فتعداها.


(١) في المخطوط: اغتسلت.

(٢) هل المنخرين غير الأنف؟ والتثنية في (غيرهما) هل تعود على المنخرين فقط؟ كأن الأنف اسم لجملة الأنف الظاهرة، فلو اقتصر عليها ولم يذكر المنخرين لفهم غسل ظاهرها؛ فذكر - من أجل هذا - المنخرين ليدل بذكرهما على وجوب غسل التجويفين اللذين هما طريق التنفس. والضمير في «غيرهما» يعود للمنخرين؛ لقربهما، ويصح عوده إلى الأنف والفم. (من خط السيد العلامة المجتهد محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله).