فصل: آداب الدعاء
  فمه؛ ولذا قال ÷: «لا تدخلوا عليَّ قلحا(١)»(٢) وتنحيته آثار الطعام ونحوه؛ لأنه موضع الذكر وتتأذَّى من ذلك الملائكة.
  ويستحب ملازمة الروائح الطيبة إن أمكن: أعلاها الأعطار، وأدناها الرياحين، والتجمر بالممكن؛ فإن ذلك أنشط للنفس، ويستدعي حياتها، وأحب للملائكة؛ ولذلك أمر به ÷ لحاضر الجمعة أن يمس من طيبه أو طيب أهله(٣)؛ لكون محلَّ التجمير من أفضل مواضع الذكر؛ لكثرة الحاضرين، والروائح النتنة تستدعي سقوط النفس وغفولها وموات نشاطها للطاعة ونحوها من الأعمال(٤) ودرس العلم والقرآن.
  ومنها: طهارة الثياب؛ فإن ذلك حسنٌ؛ ولقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}(٥)، وإن حُمِلَ الأمرُ على الوجوب للصلاة فالبعد عن النجاسات مندوبٌ(٦)؛ ولذا ندب
= بيروت، ط ١ (١٣٩٤ هـ/ ١٩٧٥ م): (١/ ١٢٠)، وأخرج نحوه البيهقي في السنن: (١/ ٢٠٥) عن الحارث بن الصمة، قال: لقيت رسول الله ÷، وقد خرج من الغائط فسلمت عليه، فلم يرد عليَّ، حتى وضع يده على جدار فمسح وجهه ويده، ثم سلم علي، وفي معرفة السنن والآثار (١/ ٤٩٠)، ورواه الطبراني في الأوسط: (١/ ٧٨ رقم ٢٢٢)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: (١/ ٢٦٤ رقم ١٤٢٧).
(١) القلح: هو صفرة تعلو الأسنان ووسخ يركبها لطول العهد بالسواك. ينظر: ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد الشيباني الجزري (المتوفى: ٦٠٦ هـ) - النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - المكتبة العلمية - بيروت (١٣٩٩ هـ/ ١٩٧٩ م): (٤/ ٩٩)، والزمخشري، محمود بن عمر، الفائق في غريب الحديث، دار الكتب العلمية، ط ١ (١٤١٧ هـ/ ١٩٩٦ م): (٣/ ١١٩).
(٢) والحديث روي بلفظ " مالكم تدخلون عليَّ قلحا استاكوا، فلولا أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل طهور" أخرجه الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم (المتوفى: ٣٦٠ هـ)، في معجمه الكبير: تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي: مكتبة ابن تيمية - القاهرة، ط ٢ (٢/ ٤٦ رقم ١٣٠٣) وقال في مجمع الزوائد (١/ ٢٢١) فيه أبو علي مجهول.
(٣) أخرجه البزَّار، أبو بكر أحمد بن عمرو (المتوفى: ٢٩٢ هـ)، في المسند المنشور باسم البحر الزخار، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله - مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة - الطبعة الأولى: (١٩٨٨ م - ٢٠٠٩ م). (٦/ ٤٧٢ رقم ٢٥٠٤) والطبراني في معجمه الأوسط: (٣/ ٣٢١ رقم ٢٣٨٧).
(٤) في (أ) وسموها في الأعمال.
(٥) سورة المدثر: ٤.
(٦) في ب وج (عن النجاسة مندوب) وهو: قول جمهور العلماء، وقال في الكشاف: طهارة الثياب شرط في صحة الصلاة ولا تصح إلا بها، وهي الأولى والأحب في غير الصلاة، والمؤمن الطيب قبيحٌ به أن يحمل خبثًا، ينظر: الزمخشري، جار الله محمود بن عمر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، دار الريان للثراث، ط ٣ (١٤٠٧ هـ/ ١٩٨٧ م): (٤/ ٦٤٧ رقم ١٢٤٦)، الفقيه يوسف بن أحمد بن عثمان، الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة القاطعة، وزارة العدل، ط ١ (١٤٢٣ هـ/ ٢٠٠٢ م): (ص ١٧٥).