الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: آداب الدعاء

صفحة 106 - الجزء 1

  البعد عن النجاسة في الصلاة من موضع سجود المصلِّي، واستقبال القبور، والصلاة فيها كما قيل، والله أعلم.

  وطهارة موضع سجوده، وأن يكون مستقبل القبلة؛ فخير المجالس ما استقبل القبلة؛ لأنها أشرف ما في الأرض؛ ولذا وجب استقبالها في الصلاة، والله أعلم.

  وقد ذكرنا حضور القلب عند الذكر وتدبُّر ما يقول، ولا يحرص على الكثرة ويضيع اللُّبَّ الذي هو التفكُّر؛ ولذلك استحبُّوا أن يمدَّ صوته بقوله: لا إله إلا الله؛ لما فيه من التدبر، والخلوة أنفع وأجمع لذلك، والاجتماع على الذِّكر أنشط مع خلوه عن التُرَّهات، ولا يخلِّي حالة من أحواله من الذكر؛ ولذا روي عنه ÷ أنه كَانَ يَذْكُرُ اللهَ بَيْنَ كُلِّ خُطُوَتَيْنِ وبَيْنَ كُلِّ لقمتين"⁣(⁣١)، وإذا كان في محلِّ لا يندب له ذلك كحالة قضاء الحاجة، والوقاع، وما أشبه ذلك؛ فيكره له ذلك حظرًا، ويندب له الفكر والذكر القلبي، ويتذكَّر نعمة الله - تعالى - من إقداره على خروج ما لو تَحيَّر لربَّما قَتَلَ، وحصول سائر الملاذ؛ وذلك أوفر الذكر وأعلاه، وهو كان عبادة رسول الله ÷ قبل البعثة، فإن أحبَّ الأعمال أدومها إلى الله - تعالى⁣(⁣٢).

  وأما تجنب الحرام مأكلًا ومشربًا وملبسًا فقد ذكرناه، وقد روي عنه ÷ من حديث أبي هريرة «أنه ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ، يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَكسبهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له»؟ أخرجه مسلم، والترمذي⁣(⁣٣).

  قال في شرح الحصن: وإنَّما ذكر المسافر دون المقيم؛ لأن دعوة المسافر مستجابة⁣(⁣٤).


(١) أخرجه المرشد بالله يحيى بن الحسين (المتوفى: ٤٩٩ هـ) في الأمالي الخميسية للشجري، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط ١ (١٤٢٢ هـ/ ٢٠٠١ م): (١/ ١٤٨ رقم/٥٤٣).

(٢) أخرجه علي بن محمد بن الوليد القرشي: مسند شمس الأخبار المنتقى من كلام النبي المختار، وعلى هامشه حاشية كشف الأستار عن أحاديث شمس الأخبار، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، ط ١ (١٤٠٧ هـ/١٩٧٨ م). (١/ ٣٤٤).

(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: (٢/ ٧٠٣ رقم ١٠١٥) والترمذي، في سننه: (٥/ ٢٢٠ رقم ٢٩٨٩).

(٤) ينظر: الشوكاني، تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين، دار القلم، بيروت، لبنان، ط ١ (١٩٨٤ م): (ص ٥٢).