الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل في شيء مما يقال في مطلق الليل والنهار

صفحة 244 - الجزء 1

  فيستحب الإكثار من الذكر من زوالها، وإنْ كان مستحبًا مطلقًا إلا ما قد نَبَّه عليه الشارع دخل في الاستحباب دخولًا أوَّليًّا، والله أعلم.

  وعن عبد الله بن السائب⁣(⁣١): أن رسول الله ÷ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ زوال [الشَّمْسُ] قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ» أخرجه الترمذي وحسنه⁣(⁣٢).

  ويستحب مداومة الذكر من عقيب الزوال إلى الغروب؛ لقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}⁣(⁣٣) قال أهل اللغة: "العشيُّ": من زوال الشمس إلى غروبها⁣(⁣٤) ذكره النووي⁣(⁣٥) عن الأزهري⁣(⁣٦).

  ويتأكد الاستحباب من بعد العصر فإنه الآصال في قوله تعالى: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}⁣(⁣٧) وقد تقدم النقل في ذلك والتنبيه على أن ما عداه يدخل دخولًا ثانيًا، وقد تقدم التنبيه على تأكد الذكر والقعود له بعد صلاة الفجر والعصر في حديث أنس.

  نعم: فإذا سمع أذان المغرب فليقل ما روته أم سلمة قالت: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ÷ أَنْ أَقُولَ عِنْدَ أذَانِ الْمَغْرِبِ: «اللَّهُمَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ فَاغْفِرْ لِي» أخرجه أبو داود، والترمذي، والحاكم⁣(⁣٨).


(١) عبد الله بن السائب المخزومي قارئ أهل مكة أبو السائب، وقيل: أبو عبد الرحمن له صحبة ورواية يسيرة وهو من صغار الصحابة. ينظر: الذهبي، معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار: (١/ ٤٧ رقم ١٠).

(٢) أخرجه الترمذي في سننه: (٢/ ٣٤٢ رقم ٤٧٨) وقال: «حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ».

(٣) سورة غافر: ٥٥.

(٤) ينظر: الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد: تهذيب اللغة، تحقيق: عمر سلامي، وعبد الكريم حامد، دار إحياء التراث العربي - ط ١ (١٤٢١ هـ/٢٠٠١ م): (٨/ ٣٥).

(٥) ذكره النووي في الأذكار: (١/ ١٧٢ رقم ٤٧٤، ٤٧٥، ٤٧٦).

(٦) محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور، ولد سنة (٢٨٢ هـ)، أحد الأئمة في اللغة والأدب، توفي سنة (٣٧٠ هـ)، له: تهذيب اللغة"، و"تفسير القرآن" و غيرهما. ينظر: ابن خلكان، وفيات الأعيان: (٤/ ٣٣٤)، والزركلي، الأعلام: (٥/ ٣١١).

(٧) سورة الأعراف: ٢٠٤.

(٨) أخرجه أبو داود في سننه: (١/ ٣٩٨ رقم ٥٣٥)، والترمذي في سننه: (٥/ ٥٧٤ رقم ٣٥٨٩) بلفظ: " قُولِي: اللَّهُمَّ هَذَا اسْتِقْبَالُ لَيْلِكَ وَاسْتِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ وَحُضُورُ صَلَوَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي " وقال «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الوَجْهِ» وَحَفْصَةُ بِنْتُ أَبِي كَثِيرٍ لَا نَعْرِفُهَا وَلَا أَبَاهَا " والحاكم في مستدركه (١/ ٣١٤ رقم ٧١٤) قال «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ».