الدرع الحصينة في تخريج أحاديث السفينة،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

فصل: فإن أراد الحج

صفحة 297 - الجزء 1

  أُسَامَةَ⁣(⁣١) خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ ÷ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا، حَتَّى تَصْعَدَ⁣(⁣٢)، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ⁣(⁣٣)، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا⁣(⁣٤)، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ ÷ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ، حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ⁣(⁣٥)، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللهِ ÷ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ ÷ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ⁣(⁣٦)، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ ÷ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ


(١) أسامة بن زيد، مولى رسول الله ÷ وأمره علي جيش عظيم فيه جلة المهاجرين، قعد مع علي يوم الجمل وصفين، توفي سنة (٥٤ هـ). ينظر: ابن الأثير، أسد الغابة: (١/ ١٩٤ رقم ٨٤).

(٢) قوله: «وكلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد»: يعني إذا أتى دعثًا أو رملًا أرخى لها قليلًا حتى تصعد رأفة بالبعير لأنه لو شنق لها الزمام وأمامها شيء مرتفع وفيه شيء من الدعث والرمل صعب عليها فيرخي لها النبي ÷ قليلا حتى تصعد. المصدر نفسه: (١٢).

(٣) المُزْدَلِفَةُ: المشعر الحرام ومصلّى الإمام يصلي فيه العشاء والمغرب والصبح، وسمّيت بمزدلفة، لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم:. ينظر: الحموي، معجم البلدان: (٥/ ١٢٠).

(٤) قوله: «ولم يسبح بينهما شيئًا» يسبح أي: يصلي والصلاة تسمى تسبيحًا من باب إطلاق البعض على الكل وأطلق التسبيح عليها لأن التسبيح ركن فيها أو واجب فيها. ينظر: شرح حديث جابر بن عبد الله في صفة حجة النبي ÷: (١/ ١٢).

(٥) قوله: «فدفع قبل أن تطلع الشمس» أي لم ينتظر طلوع الشمس فسار من مزدلفة ليخالف المشركين لأن المشركين كانوا ينتظرون في مزدلفة إلى أن تطلع الشمس. المصدر نفسه: (١٣).

(٦) قوله: " فمرت ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله ÷ يده على وجه الفضل ": فيه سنة غض البصر خوف الفتنة، وأن [ذلك] في حق النساء والرجال جميعًا بعضهم لبعض، ألا تراه كيف قال في الفضل: " وكان أبيض وسيمًا حسن الشعر " يخاف فتنة الظعن به، وفتنته بهن. ولهذا وضع النبي ÷ يده على وجه الفضل ليمنع من الفتنتين، قال بعضهم: وهذا يدل على أن هذا ليس بواجب إذ لم ينهه. ينظر: اليحصبي: شَرْحُ صَحِيح مُسْلِمِ تحقيق الدكتور يحْيَى إِسْمَاعِيل، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، ط ١ (١٤١٩ هـ/ ١٩٩٨ م): (٤/ ٢٨٣).