قوله: الباب الحادي والعشرون في ذكر شيء مما ورد عند التفرق من المجلس
  الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ إِنَّمَا يَحْمَدُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ] وَلَمْ يُوَسِّعُوا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ "(١).
  قلت: ويشهد لما قاله الترمذي حديث علي أمير المؤمنين الآتي في الباب الثامن والعشرين إن شاء الله تعالى؛ فقال: «وإِذَا عَطَسَ فليَحْمَد اللَّه فِي نَفْسِهِ»(٢) هذا وإن كان ظاهر الحديث أنها المكتوبة بقوله: خلف رسول الله ÷، لكن الخلفية تحتمل الجهة والصلاة، وعمل الصحابة والتابعين مؤكِّدٌ لتأويل الترمذي وَنقْلِهِ، ولقول الأصحاب من نسخ الأقوال والأفعال في الصلاة، ويجعلون ذلك بعد انقضائها أي: ما ورد من الأدعية يجعلون محله بعد الصلاة؛ لا حديث رفاعة هذا، فإنه ظاهر أو صريح أنه في الصلاة؛ فيكون قبل النسخ عندهم، والله أعلم.
  وعن سالم بن عبيد(٣) أن رجلا عطس عند النبي ÷، فقال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ النبي ÷: «عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ» ثُمَّ قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللهَ» وَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، ويرد عليه من حوله: يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ». أخرجه النسائي(٤)، وابن ماجة(٥)، والحاكم في المستدرك(٦)، ولفظ ابن ماجة: «يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»(٧)، ورواه أيضا النسائي، والحاكم، من حديث ابن مسعود(٨).
  وقد جاء أن من لم يحمد الله فلا حق له، وأنه ÷ شمت من عطس عنده في الأولى والثانية والثالثة، ثم قال: هو مزكوم(٩).
  وروى ابن أبي شيبة: «مَنْ قَالَ عِنْدَ كُلِّ عَطْسَةٍ يَسْمَعُهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا كَانَ، لَمْ يَجِدْ وَجَعَ ضِرْسٍ وَلَا أُذُنٍ أَبَدًا»(١٠).
(١) أخرجه أبو داود في سننه: (٢/ ٨١ رقم ٧٧٣)، والترمذي في سننه: (٢/ ٢٥٤ رقم ٤٠٤) وقال: "حَدِيثُ رِفَاعَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ"، والنسائي في المجتبى: (٢/ ١٤٥ رقم ٩٣١)، وما بين المعقوفتين من سنن الترمذي.
(٢) أخرجه الإمام زيد في المجموع: (ص ١١٩).
(٣) سالم بْن عبيد الأشجعي، من أهل الصفة، له صحبة. ينظر: ابن الأثير، أسد الغابة: (٢/ ٣٨٥ رقم ١٨٩٧).
(٤) أخرجه النسائي في سننه الكبرى (٩/ ٩٥ رقم ٩٩٨٢).
(٥) أخرجه ابن ماجة في سننه: (٢/ ١٢٢٤ رقم ٣٧١٥) ..
(٦) أخرجه الحاكم في مستدركه: (٤/ ٢٩٧ رقم ٧٦٩٦).
(٧) أخرجه ابن ماجة في سننه: (٢/ ١٢٢٤ رقم ٣٧١٥).
(٨) " لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَرْبَعُ خِلَالٍ: يُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ، وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ، وَيُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ، وَيُشَيِّعُهُ إِذَا مَاتَ". أخرجه النسائي في سننه الكبرى: (٩/ ٩٤ رقم ٩٩٨١) والحاكم في مستدركه: (٤/ ٢٩٣ رقم ٧٦٨٥).
(٩) أخرجه أحمد في مسنده: (٢٧/ ٥٩ رقم ١٦٥٢٩).
(١٠) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: (٦/ ١٠٢ رقم ٢٩٨١١) عن علي #.